قيراط، وإن مضى معها حتى تدفن فله قيراطان مثل أحد» . وروي عنه أيضا أنه قال: «من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان» . فذهب بعض الناس إلى أن الحديث الأول مبين للحديث الثاني؛ لأن راويه حفظ من ذكر اتباع الجنازة من أهلها، ما أغفله راوي الحديث الثاني؟ وذهب آخرون إلى أن المعنى في ذلك، أن الله كان كان تفضل بقيراط من الأجر لمن اتبع الجنازة من أهلها وصلى عليها، ثم تفضل بعد ذلك بالزيادة في الثواب فجعل في الصلاة على الجنازة خاصة قيراطا كاملا من الأجر، فمن ذهب إلى التأويل الأول، رأى أن الذي يصح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتصحيح الأثرين، أن القيراط من الثواب إنما يستحق باتباع الجنازة من أهلها، والصلاة عليها، يقع من ذلك لاتباعها من عند أهلها ما الله به أعلم، وللصلاة عليها ما الله به أعلم أيضا، ويجيء على مذهبه أنه لا ينبغي لمن شهد جنازة أن ينصرف دون أن يصلي عليها لئلا يبطل عمله في اتباعها، إذ جعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثواب ذلك مضمنا بالصلاة، فصار معها كشيء واحد، من شرع فيه لم ينبغ له أن يتركه حتى يتمه، لقول الله عز وجل: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]- فهذا وجه ما في هذا السماع من الكراهية لمن شهد جنازة أن ينصرف دون أن يصلي عليها، ومن ذهب إلى التأويل الآخر، رأى أن اتباع الجنازة ليس بمرتبط بالصلاة عليها، إذ قد تفضل الله لمن صلى عليها بقيراط كامل من الأجر، ولمن اتبعها من أهلها بما هو أعلم به من الأجر، ويجيء على مذهبه: أن لمن اتبع الجنازة من أهلها، أن ينصرف دون أن يصلي عليها