مقدار الوصول إلى ذلك البلد، وصل إليه أو رجع من الطريق؛ روى هذه التفرقة زياد بن جعفر عن مالك في الذي يقول لامرأته: إذا قدمت بلد كذا وكذا فأنت طالق؛ أنه إن قال ذلك لها قبل أن يخرج، لم يلزمه طلاق حتى يقدم البلد، وإن قال ذلك لها بعد أن خرج، كانت طالقا مكانتها، كمن طلق امرأته إلى أجل معلوم؛ وفي رسم المدبر والعتق بعد هذا من سماع أصبغ، عن أشهب في العبد يستأذن سيده في الخروج إلى موضع، فيقول له: اخرج إليه، فإذا بلغته فأنت حر، أنه ليس له أن يمنعه من الخروج؛ قال ابن المواز: إلا أن يبدو للعبد في الخروج، وهو قول رابع في المسألة أن ذلك تمليك للعبد في العتق يلزم السيد ولا يلزم العبد، فيكون مخيرا بين أن يخرج إلى البلد فتجب له الحرية، أو لا يخرج فيبقى في العبودية، وبالله التوفيق.
ومن كتاب الجواب وسألت عن الرجل يحلف في عبد له بحريته ألا يبيعه، فيبيعه ويقبض الثمن فيستهلكه، ثم يعثر على ذلك ولا مال له؛ قال ابن القاسم: يرد العبد إن أدرك ويعتق ويخرج حرا، ويتبعه المشتري بالثمن دينا؛ لأنه حنث بحريته حين باعه، ووقعت حريته، وعنده به وفاء، وهو الثمن الذي قبض منه حين باعه هو له وفاء؛ لأنه لو عثر عليه ساعتئذ، عتق العبد ورد ذلك الثمن، فالثمن حين بقي في يديه هو مال المشتري ووفاؤه، فهو بمنزلة من أعتق وعليه دين وعنده وفاء بدينه، ثم تلف ذلك الوفاء بعد ذلك، فالعبد حر، ولا سبيل للدين عليه، ويتبع السيد بدينه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة لا إشكال فيها، ولو كان عليه يوم باعه دين يستغرق الثمن، لبيع في الثمن ولم ينفذ فيه العتق، إلا أن تكون