سأله واحد منهما ذلك؛ لأن قوله عز وجل: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] ليس على الوجوب في العبيد والإماء، بدليل قوله: "والصالحين"، إذ لم يكن عاما في جميعهم كالمعتقة التي لم تحمل على الوجوب، لقوله فيها: حقا على المتقين وعلى المحسنين فلهذا لم ير في هذه الرواية أن تحنث المرأة في يمينها ألا تبيع جاريتها ولا تهبها ولا تزوجها، إلا أن يتبين أنها أرادت بذلك الضرر، فإن تبين ذلك، منعت منه كما قال: بأن تباع عليها إذا كانت لها نية أنها إنما حلفت ألا تبيعها طائعة يريد وتصدق في ذلك مع يمينها على ما قاله في أخر سماع أشهب من كتاب الإيمان بالطلاق: وإن لم تكن لها نية، أعتقت عليها ولم تبع لوجوب العتق عليها فيها ببيعها. وهذا معنى قوله: وإن لم تكن لها نية فلا تباع عليها وتعتق. وقد رأيت لابن دحون في هذه المسألة أنه قال فيها إتباعا لظاهر قوله فيها ألا يبيع السلطان الجارية إلا باجتماع شيئين أن يعلم أنها قصدت الضرر، وأن يعلم أنها أرادت: لا أبيع طائعة، فحينئذ يبيع، وإن انفرد أحدهما، لم تبع عليها: وليس ذلك بصحيح؛ لأن النية لا تعلم إلا من قبلها، فإذا تبين إرادتها الضرر (بمنعها) حنثت وأعتقت عليها، إلا أن تكون لها نية تدعيها فتصدق فيها وتباع عليها، وهذا الذي قلناه من أنه ليس على الرجل أن يزوج عبده ولا أمته إذا سأله واحد منهما ذلك، هو نص ما في رسم شك من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان، وبالله التوفيق.