فأما إن كان اشتراه ينوي ذلك فيه دون أن يعلم بذلك البائع، فلا إشكال في أن له أن يبدله بخير منه، وأما إن كان أعلم بذلك البائع، فإعلامه بذلك عدة منه له بعتقه، وقد اختلف في ذلك، فقيل: إن العدة بخلاف الشرط، فلا يلزم المبتاع، ولا يكون للبائع في ذلك كلام، حكى ذلك ابن حبيب في الواضحة عن مالك نحو هذه المسألة، فعلى هذا القول يكون للمشتري أيضا أن يبدله بخير منه، وقيل: إن العدة في ذلك كالشرط ولا يلزم المبتاع العتق إلا أنه يكون البائع بالخيار بين أن يسترجع أو يدعه، وهو قول مالك في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من كتاب جامع البيوع، فعلى هذا القول لا يكون للمشتري أن يبدله بخير منه إلا برضى البائع، وأما إذا اشتراه بشرط على أن يعتقه، فقيل: إن العتق يلزمه وهو قول أشهب، خلاف قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة والعتبية، فقوله في هذه الرواية: إلا أن يكون اشتراه بشرط العتق يأتي على قول أشهب: أن العتق يلزمه، والذي يأتي في ذلك على قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة، وسماع ابن القاسم من كتاب جامع البيوع من العتبية أن له أن يبدله بخير منه برضى البائع، وأما إن كان اشتراه على إيجاب العتق، فلا اختلاف في أن ليس له أن يبدله بخير منه؛ لأن العتق قد وجب له، فهذا تحصيل القول في هذه المسألة، وبالله التوفيق.
مسألة وقال مالك: استشارني هؤلاء الذين يقسمون الخمس، وذكروا أنهم يجدون الرقبة الرخيصة بالثمن اليسير يعتقها أهلها على أن ولاءها للذين يبيعونها، فقلت: لا، ولكن اشتروها- وإن أغليتم- على أن ولاءها للمسلمين.
قال محمد بن رشد: كذا وقع في هذه الرواية الذين يقسمون الخمس، وحكاها ابن المواز: الذين يقسمون الزكاة، والحكم في ذلك سواء؛ لأن ما يعتق من الخمس أو من الزكاة، فولاؤه للمسلمين واشتراط