قال محمد بن رشد: قوله: اشتر لنفسك جارية فلتطأها- يريد اشترها بمالك لنفسك؛ لأنه إذا اشتراها بماله بإذن سيده، جاز له أن يطأها، ولو كان مأذونا له في التجارة، لكان له أن يشتريها ويطأها، وإن لم يأذن له سيده في ذلك؛ لأن للعبد المأذون له أن يتسرى في ماله بغير إذن سيده على ما قاله في المدونة، وعلى ما جاء من أن عبيدا لعبد الله بن عمر كانوا يتسرون في أموالهم ولا يستأذنونه، وقد روى محمد بن يحيى السبائي عن مالك أن العبد لا يتسرى في ماله إلا بإذن سيده، ومعنى ذلك في غير المأذون له في التجارة حتى تتفق الروايات، وقد وقع في بعض الروايات اشتر لنفسك جارية بمالي أو بمالك، والرواية بإسقاط ذلك أصوب؛ لأنه لا يجوز له أن يطأها بمال السيد- وإن كان السيد قال له اشترها لنفسك بمالي تطؤها، إلا أن يكون وهبه الثمن على ما قاله في رسم باع غلاما من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح، أو أسلفه إياه على ما قاله في رسم الطلاق من سماع أشهب منه؛ لأنه إذا قال له: اشترها من مالي لنفسك تطؤها، فلم يملكه رقبتها، وإنما أذن له في شرائها لنفسه ليطأها، وذلك تحليل منه له فرجها، وقول السيد فما ولد لك منها فهو حر، إيجاب أوجبه على نفسه يلزمه بظاهر قوله فعل ذلك في بلده بعلم سيده، أو في غير بلده سرا من سيده، فلا يصدق السيد إن فعل العبد ذلك سرا من سيده في غير بلده- في أنه لم يرد ذلك، إلا أن يعلم قصد السيد إلى استصلاح عبده بذلك لئلا يغيب (عنه) بأن يعلم أنه كان كثير المغيب عن مولاه، فاستماله بما وعده به من عتق ولده، لئلا يغيب عنه، فإذا غاب عنه وتسرى في بلد آخر وولد له فيه، لم يلزمه العتق، لمغيبه