ومن كتاب المدنيين قال: وسألت ابن القاسم عن رجل أخبر بنفاس أمته، وأخبر أنه غلام، فقال: هو حر عن أبيه، فإذا هي جارية؛ هل يجوز عتقها؟ فقال: لا يلزمه عتقها إلا أن يكون أراد ما وضعت حر فإن لم يرد ذلك، وإنما أراد أن يعتقه لأنه غلام، فلا يلزمه عتقها، ورواه أبو زيد.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، وهو مصدق فيما يذكره من أنه إنما أراد أن يعتقه، لأنه غلام دون يمين تلزمه في ذلك، لأن نيته مطابقة لما لفظ به؛ وقد قال ابن أبي حازم في المدنية والمبسوطة: إنه يعتق، لأنه إنما أراد عتق ما وضعت وهو بعيد، وبالله التوفيق.
ومن سماع محمد بن خالد قال محمد بن خالد: سألت ابن القاسم عن المكاتب يبيعه سيده فيعتقه الذي ابتاعه، قال: لا يرد عتقه ويمضي ذلك، وقال ابن نافع: يرد عتقه إذا باعه من قبل أن يعجز ويرجع رقيقا، ويرد إلى صاحبه على كتابته حتى يعجز أو يؤدي.
قال محمد بن رشد: هذا الاختلاف في المدونة، وفيها قول ثالث لأشهب وسحنون - وهو الفرق بين أن يعلم المكاتب بالبيع أو لا يعلم، لأنه إذا رضي بالبيع فقد رضي بتعجيز نفسه؛ وهذا الذي تقتضيه الروايات بحملها على ظاهرها، والأولى أن تحمل على ما سنذكره في سماع عيسى من كتاب المكاتب- إن شاء الله، وبالله التوفيق.