قال محمد بن رشد: هذا كله بين على ما قاله؛ لأنه إذا أعتقه بعد أن يسافر له سفرتين، أو بعد أن يخدمه سنة، فهو عتق مؤجل؛ لا يجزئه عما نذر من العتق البتل؛ وأما إذا أعتقه إلى أيام يسيرة، أو ما أشبه ذلك من السفر إلى الموضع القريب، فهو يجزئه كما قال، لأنه في معنى البتل؛ إذ لا كبير مؤنة على العبد في ذلك، ورأى الشهر في ذلك كثيرا على قياس ما ذكره من انتزاع مال العبد المعتق إلى أجل من تقديم الزكاة قبل حلول حولها، وما أشبه ذلك من الأشياء التي ذكرها؛ وفي ذلك اختلاف، ففي كتاب ابن المواز أن الشهر قليل إذا توافى حلول أجل عتق المعتق إلى أجل بالشهر ونحوه، فليس له أن ينتزع ماله مثله في كتاب ابن عبد الحكم؛ وفي جواز تقديم الزكاة قبل حلول حولها اختلاف كثير، قيل: إنها لا تجزئ قبل الحول كالصلاة، وقيل: إنها لا تجزئ إلا قبل الحول باليوم واليومين، وقيل بالعشرة الأيام ونحوها؛ وهو قول ابن حبيب في الواضحة، وقيل بالشهر، وهو قول ابن القاسم في سماع عيسى عنه من كتاب الزكاة، وقيل الشهر والشهران، وهو قول مالك في رواية زياد عنه، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل عن مريض دخل عليه غلامان له، فقال لهما: أحدكما حر، فخرجا ثم دخل أيضا أحدهما مع غلام له آخر، فقال لهما: أحدكما حر، فمات الرجل؛ قال أصبغ: الورثة بمثابته كما يكون له في حياته إن كان قوله هذا (في حياته) يوقعوا بين الأولين العتق على من شاءوا، فإن أوقعوه على الذي لم يدخل ثانية، جمع الآخر مع الذي دخل ثانية فأوقعوا العتق على من شاءوا منهما أيضا ورق الآخر؛ وإن أوقعوا في أول على الداخل ثانية، بطل عتق الذي