وبشهادة بعضهم لبعض وأما لو عرف أنهم قرابة بشهادة شاهدين عدلين من سواهم، لكان لهم الميراث، وكانوا أحق به من مولاه، فيحتمل أن يكون قوله هذا على القول بأن الشهود إذا شهد بعضهم لبعض هؤلاء لهؤلاء، وهؤلاء لهؤلاء، لم تجز شهادتهم، ويحتمل أن يكون إنما قال ذلك من أجل أن الميت قد ثبت ولاؤه لمولاه؛ فيتحصل على هذا في إجازة شهادتهم إذا شهد بعضهم لبعض؛ ثلاثة أقوال، أحدها: أنها تجوز. والثاني: أنها لا تجوز، والثالث: الفرق بين أن يكون الميت قد ثبت ولاؤه لمن أعتقه، أو لمن يجب ذلك له بسبب العتق، وبين أن يكون حرا لا ولاء لأحد عليه؛ ويدل على هذا الفرق ما وقع في موطأ ابن وهب عن مالك أن المسبيين لا يتوارثون بشهادة بعضهم لبعض، بخلاف المتحملين؛ لأن الفرق بين المسبيين والمتحملين إنما هو أن المسبيين قد تقرر ولاؤهم لمن أعتقهم، ووجب لهم ميراثهم بولاء، فلا يبطل ذلك إلا بشهادة غيرهم، لا بشهادة بعضهم لبعض، والمتحملون لا ولاء لأحد عليهم، وبهذا المعنى اعتل الشافعي في الفرق بين المسألتين، وهو فرق ظاهر، فقال: إذا جاءوا مسلمين لا ولاء لأحد عليهم، قبلنا دعواهم؛ وإن كانوا قد أدركهم السبي والرق وثبت عليهم الولاء والملك، لم تقبل دعواهم إلا ببينة، وقد وقع في التفسير الثالث قال ابن القاسم: لو أن أهل حصن من الحصون سبوا جميعا بأسرهم ثم كانوا بموضع يتعارفون فيه، وأسلموا عند من ملكهم، لم يتوارثوا بتلك الأنساب؛ ولو أنهم إذ غلبوا على بلدهم، تركهم الإمام إذ أخذهم وضرب عليهم الجزية، توارثوا بأنسابهم؛ قال: والأمور تفترق بلا حجة ولا قياس، وعلينا في كل ما ثبت من ذلك من قول أهل العلم الاتباع، وليس ذلك بصحيح؛ لأن الفرق بين المسألتين هو ما ذكرته وحكيته عن الشافعي. وقوله في أهل القرية التي افتتحت عنوة فسكنها أهل الإسلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015