كان الحظ مجهولا، معناه مجهول القدر عندهما جميعا، لا يعلم واحد منهما إن كان ثلثا، أو ربعا، أو نصفا، أو أقل، أو أكثر. وقوله أو كان معروفا ولم يره المصالح ولم يوصف له، يريد ولا رآه الوارث أيضا ولا وصف له؛ لأن البيع لا يكون فاسدا إلا إذا جهلا جميعا قدره أو صفته مع علمهما به، وأما إذا علم ذلك أحدهما وجهله الآخر فليس ببيع فاسد، وإنما هو بيع غش وخديعة، يكون الجاهل منهما إذا علم مخيرا بين إمضاء البيع أو رده.
وقوله: إنه إذا ادعى المشتري أنه لم يعلم بهذا الحظ المجهول ليصح له الشراء فيما ادعاه، يحلف على ذلك ويجوز الصلح بينهما. أي الشراء فيما عدا ذلك الحظ صحيح؛ لأنه ادعى صحة، وادعى الوارث فسادا فوجب أن يكون القول قوله لادعائه الصحة. وقوله: وإن نكل فسخ، يريد بالنكول دون رد يمين؛ لأن الظاهر أن الصلح قد وقع عليه؛ لأنه من المورث وهما قد تصالحا على جميع المورث، وقد قال بعض الشيوخ: إن فسخه البيع في هذه المسألة دون رد اليمين، خلاف قوله في مسألة رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب المديان والتفليس، إنه إن أبى أن يحلف، حلف الذي عليه الحق وفسخ الشراء؛ وليس ذلك عندي بصحيح، بل يرجع اليمين في ذلك في وجه دون وجه حسبما فصلناه، وبينا القول فيه وشرحناه هناك؛ ولو اتفقا جميعا على أنهما لم يعلما بالحظ الذي بمصر أو القيروان، لبقي للوارث، وصح البيع فيما سواه ونفذها؛ ولو اتفقا على أنهما قد علما به - وهو مجهول القدر أو الصفة، لكان البيع فاسدا؛ وأما إذا اختلف في ذلك، فلا يخلو اختلافهما من سبعة أوجه لا ثامن لها، قد ذكرناها وبينا وجه الحكم في كل واحد منها- في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب جامع البيوع، فاكتفينا بذكرها هناك عن إعادتها ههنا مرة أخرى، وبالله التوفيق.