جاهلا يظن أن إذنه له في ذلك في مرضه جائز عليه.
والثاني: إن له أن يرجع في ذلك إن ادعى الجهل، وكان يشبه ما ادعاه مع يمينه على ذلك وهو قوله في هذه الرواية، وقيل بغير يمين على ما ذكرناه، من أن اليمين في ذلك تهمة.
والثالث: إنه ليس له أن يرجع في ذلك، إلا أن يعلم أنه جهل، بدليل يقيمه على ذلك، وهو قول سحنون في نوازله من هذا الكتاب، وأخصر من هذا أن يقول: إن في المسألة قولين: أحدهما: إنه يعذر بالجهل، والثاني: إنه لا يعذر، فإذا قلنا: إنه يعذر به، ففي تصديقه فيه قولان، قيل: إنه يصدق، وقيل: إنه لا يصدق، فقيل: يمين، وقيل: بغير يمين. وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عن الصفائح والحلي المكسور والنقر، أفيه ثواب؟ قال: ليس في ذلك كله ثواب.
قال محمد بن رشد: أما الحلي والنقر فإنه بين أنه لا ثواب في ذلك، بمنزلة الدنانير والدراهم، فلا يصدق من وهب شيئا من ذلك، فإن كان فقيرا والموهوب له غنيا أراد بذلك الثواب له، إلا أن يشترطه. هذا قوله في المدونة؛ لأنه إنما وهب للثواب، ما يتحقق به الموهوب له، مثل الفرس الرائع، والعبد النبيل التاجر، والثوب الحسن، ويشبه ذلك مما يستحسن، فالحلي المصنوع على هذا فيه الثواب، وهو نص قوله في المدونة، وأما قوله في الصفائح: إنه لا ثواب فيها، فإن كان أراد به الصفائح المصنوعة من الحديد لتنعيل الدواب، فالمعنى في ذلك: أنها كثيرة الحديد، لا يتحف بها من أهديت إليه، ولو أهداها إليه في الغزو عند عدمها والحاجة إليها لوجب أن تكون فيها للثواب، فإن كان أراد بها صفائح الذهب، أي: سبائكه، فإنه لا ثواب فيها؛ لأن سبائك الذهب بمنزلة نقر الفضة، لا ثواب لمن زعم أنه أراد بذلك الثواب؛ لأنها بمنزلة الدنانير والدراهم. وبالله التوفيق.