الحرمة إنما هي لموضعها لا لها، بدليل أنه لو دار المنبر عن موضعه لإصلاح شيء فيه، لما حلف الحالف إلا في موضعه، لا عنده، بخلاف منبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في هذا، وسائر المسألة يبين، لا يفتقر إلى كلام؛ لأن الهبة للثواب بيع من البيوع، وقد أحكمت السنة في التداعي فيها أن البينة على من ادعاها، واليمين على من أنكر؛ لأن الهبة للثواب، إذا طالت مدتها حتى يرى أن الواهب قد ترك الثواب، لم يكن له ثواب، بخلاف البيع؛ لأن طريقها المكارمة لا المكايسة. وقد مضى ذلك في رسم حلف ألا يبيع سلعة سماها. وبالله التوفيق.
ومن كتاب الأقضية الرابع وسئل مالك: فقيل له: إن امرأة دعتنا فأشهدتنا على رقيق لها أنهم صدقة على ابنتها، وكتبنا شهادتنا على أنه أمانة عندنا بأمانة الله، لا نشهد بها أبدا ما دامت حية حتى تموت، فشهدنا على ذلك، وكتبناها، فاحتاجت إلى تلك الشهادة ابنتها التي كانت الصدقة عليها، أترى لنا أن نقوم بها؟ قال: أراها قد قالت لكم: لا تشهدوا بها حتى أموت، وهذه الشهادة لا تنفع ابنتها، فقيل له: لا تنفع ابنتها. قال: نعم، لا تنتفع ابنتها.
قال محمد بن رشد: تكررت هذه المسألة في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب الشهادات، وبالله الموفق.
مسألة وسئل: عمن تصدق بدار له على مواليه وأولادهم، وأولاد