الموصى له؛ لأن الأب قد وهب ذلك لابنه، إذ أخرجه من يده شكرا عن ابنه إذ أوصى له، وليس ذلك عندي بينا؛ لأن الأب لم يهب العبد لابنه، وإنما وهب للموصي جزاء على وصيته لابنه، فالحق في ذلك إنما هو للأب؛ لأنه يقول: إنما وهبت له العبد لسروري بوصيته لابني، فالحق في ذلك إنما هو له، لا للابن، فإن مات نزل ورثته في ذلك منزلته. ووجه ما ذهب إليه ابن القاسم، إن الأب يقول: إنما وهبت له العبد لتحصل الوصية لابني كاملة، ولو علمت أن الثلث لا يحملها، وأن الورثة لا يجيزونها لم أهبه شيئا، والذي ذكرته هو وجه القياس. والله أعلم. وبالله التوفيق.
مسألة وعن الرجل يوصي لرجل بمائة دينار، هي له عليه دين، ويوصي لقوم بوصايا، ثم يرسل إلى الذي عليه المائة، فيأخذها منه في مرضه، ثم يموت، فيطلب الرجل المائة، وقد أنفقها الموصي، أو استودعها رجلا، فقال: لا وصية له، إن كان قال: ما لي على فلان فهو له، ثم أخذه منه، فليست له وصية. وهو أمر رجع فيه، إلا أن يكون أوصى بمائة مبهمة، أو عرفت المائة بعينها، لم تحرك، وإنما مثل ذلك مثل الرجل يوصي للرجل بدين لي على رجل آخر، فيقول: ما لي على فلان فهو لفلان، فإن أخذه فأنفقه فلا شيء له، وإنما نفقته إياه بمنزلة ما لو وهبه لغيره وإن لم ينفقه واقتضاه، فكان على حاله فالوصية له.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إنه إذا أوصى لرجل بمائة دينار له عليه، فأخذها منه، إن أخذه إياها منه رجوع منه في الوصية له بها، إذ لا وجه لأخذها منه إلا الرجوع فيها، فسواء أنفقها أو لم ينفقها، فكانت عنده، أو استودعها. ومعنى قوله: أو عرفت المائة بعينها، لم تحرك أي لم تقبض