فصار يجوز بينهم أنقص من ذلك، أو أوزن، إنه إنما يعطى ما كان يجوز بين الناس بين موت الموصي إن كان يعلم جواز الناس يومئذ، وإن لم يكن يعلم فإنما للموصى له الوزن الذي كان يعلم به الموصي. قال: وكذلك في المكائل تتغير. وقد نزلت بطليطلة مسألة من أوصى لرجل بدنانير، فحالت السكة إلى سكة أخرى فشاور فيها فقهاء قرطبة، فأفتوا بوجوب الوصية من السكة الجارية يوم مات الموصي لا يوم أوصى وأقاموها من مسألة الخيش والمسح والخريطة الواقعة في آخر رسم أوصى من سماع عيسى، وليست تشبهها؛ لأن الوصية بذلك إنما كانت بحضرة وفاته، والخيش والمسح مملؤان طعاما والخريطة مملؤة دراهم، وإنما كانت تشبهها لو أوصى بهما والخيش والمسح مملؤان قمحا والخريطة مملؤة دنانير، فتوفى والخيش والمسح مملؤان شعيرا والخريطة مملؤة دراهم، وما أشبه ذلك. فمسألة الذي أوصى بجزء من ماله، أو بمثل نصيب أحد ولده، أشبه بها، وقد بينا وجه الحكم فيها، وبالله التوفيق.
مسألة قال مالك في رجل يوصي بثلثه إلى رجل ليس بوارث له، لينفذه حيث سمي الهالك، فيريد الورثة أن يقوموا منه، ويقولون: نحن نتهمه، إن ذلك ليس لهم، إلا أن يكون فيما أوصى به عتاقة، أو شيء تبقى منفعته للوارث، فيكون لهم أن يقوموا معه؛ لأن الولاء يصير إليهم، ويتهمونه أن يقول: قد أعتقت، ولم يعتق عنه أحدا، فلهم القيام معه في العتاقة، فإن كان الوصي وارثا فلهم القيام معه في العتاقة وفي غيرها حتى ينفذ كل ما جعل إليه الهالك من العتق وغيره.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى الكلام عليها مستوفى في أول سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته. وبالله التوفيق.