أيضا وكذلك لو قال مستعينه أو محوزه، قيل لأشهب: فإن قال: مستعينه ابتديها. فقال: نعم، وهذا بين لا إشكال فيه؛ لأن الواجب في الوصايا أن يتبع فيها قول الموصي، فلا يخرج عما يظهر من إرادته، وعلى قياس هذا لو أوصى بوصايا أن تعتق عنه رقبة بغير عينها، وتعطى بعد العتق دنانير مسماة، لوجب أن تبدأ الرقبة على الوصايا دون الدنانير التي أوصى لها بها، فيحاص بها أهل الوصايا ولا يبدأ بها، وبالله التوفيق.
مسألة قال: وسألته عمن أوصى أن يشترى عبد لبعض ورثته فيعتق عنه، أيزاد الوارث مثل ثلث ثمنه؟ فقال لي: نعم، فقيل له: أرأيت إن كان العبد ذا ثمن يكون ثمنه مائتي دينار ألا يتهم على التوليج لوارثه؟ فقال: وهل يعلم هو أن وارثه يزاد في ثمن العبد مثل ثلث ثمنه؟ فقيل: نعم، هو يعلم ذلك، فقال: إنما هذا قضاء مضى به، ولم أسمع أن أحدا اتهم في مثل هذا. قال أشهب: لا أرى ما قال مالك في هذا صوابا، وأرى إن كان العبد الذي أوصى أن يعتق عنه خسيسا لا ثمن له حتى لا يتهم الميت أن يكون أراد بذلك وارثه، فأراد أن يزاد في العبد ثلث ثمنه، وإن كان ذا ثمن فإنه يتهم أن يكون أراد بذلك وارثه، فلا أراه يجوز له أن يزاد ثلث ثمنه على قيمته، إن شاء أن يبيعه بقيمته باعه وعتق، وإن أبى إلا أن يزاد لم يزد وبطل عتقه.
قال محمد بن رشد: قول مالك هذا خلاف ما في المدونة في البيوع الفاسدة والوصايا. وقال أشهب: يأتي على مذهبه فيها، ولو فرق في هذا بين الغلام الذي يعلم وجه الحكم فيه من الجاهل به لكان قولا. وبالله التوفيق.