وصيته وهو متوان فيها غيرَ عازم على إنفاذها ولا يتبين عزمه على إنفاذها إلاّ بالإشهاد على ذلك أو على وضعها على يدي أحد، وكذلك الطلاق والصدقة إذا كتب الرجل طلاق امرأته بيده وأمسكه عند نفسه ولم يشهد عليه لا يؤخذ منه ويصدق في أنه لم يكتب مجمعا على الطلاق وإنما كتبه ليستشير وينظر، فإن رأى أن ينفذه أنفذه، وإن رأى ألّا ينفذه تركه، وإذا كتب بالصدقة كتابا بيده وأمسكه عند نفسه ولم يشهد عليه لا يؤخذ به، ويصدق في أنه إنما كتب ليستشِير في ذلك وينظر على ما قاله في أول رسم من سماع أشهب من كتاب طلاق السنة، فإن أرسل الكتاب بالطلاق أو الصدقة لزمه ذلك، وكان بمنزلة الِإشهاد ولم يصدق إن أرَاد أن يرده قبل أن يصل وزعم أنه إنما أرسله على أن يرده إن شاء على ما في سماع أشهب خلافُ مذهبه في المدونة وبالله التوفيق.
مسألة وسئل مالك: عن امرأة أوصت بأن جاريتي تخدم ابني حتى يبلغ ثم هي حرة فقيل لها: إن هذا لا يجوز، فقالت: إن كان لا يجوز فثلثي يحج به عني.
قال مالك: يجوز أمرُ الجارية وتكون الخدمة بين الورثة حتى يبلغ الولد وتعتقه، قال أصبغ: فإن مات الغلام قبل بلوغه نظر فإن كانت من رقيق الحضانة عتقت وإن كانت من وغد الخدم خدمت الورثة إلى مبلغ الغلام ثم عتقت، وإن ماتت الخادم قبل بلوغ الغلام وتركت مالا فهو بين الورثة على كتاب الله.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة على معنى ما في المدونة وغيرها من أن من أوصى لوارث بما مرجعه إلى غير وارث يدخل معه الورثة فيما أوصى به للوارث إلى أن يرجع إلى غير الوارث، وأن من أوصى لابنه أو لغيره بخدمة عبد حياته أو سنين معلومة أو حتى يبلغ ثم هو حر فمات