سماه وأشهد على ذلك، فلما مات أخرج الوصية فإذا هي عتق وغيره.
قال مالك: لا أرى مثل هذا إلّا جائزا وأبينُ ذلك لو كتب وصيتين ووضع عند كل رجل وصية، فإذا مات جازتا إذا اتفقتا.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما مضى في رسم البز، وقد مضى الكلام عليها وبالله التوفيق.
مسألة وسئل مالك: عن رجل أوصى بعتق رقيقه ولرقيقه رقيق، قال مالك: يعتق رقيقه ويقر رقيق رقيقه مماليك بأيديهم.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه على مذهبه في العبد يملك، بدليل قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من باع عبدا وله مالُ فماله للبائع إلّا أن يشترطه المبتاع» فأضاف المال إليه إضافة الملك، وَلِذَلك يَطَأُ بملك يمينه، إذ لو لم يكن مالكاَ ليمينه لَمَا جاز له الوطء بملك يمينه؛ لِأن الله تعالى لم يبح الفرج بما عدا النكاح وملك اليمين، ومال العبد تبع له في العتق، بخلاف البيع، فوجب إذا أعتق عبدَه وله عبدٌ أنّ عبده يبقى بيده رقيقا له، وكذلك إذا أوصى بعتقه، وكذلك قال في المدونة: إن الرجل إذا حلف بعتق عبيده لا يعتق عليه عبيد عبيده، ولا يدخل الاختلافُ في هذه المسألة من قوله إن العبد إذا مَلَك من يُعتق على سيده يعتق عليه، وإن الرجل إذا حلف لّا يركب دابة فركب دابة عبده أنه حانث، ومن حمل ذلك على أنه اضطراب من قول مالك في أن العبد يملك فقد أخطأ، وليس هذا موضع التكلم على الفرق بين الموضعين وإنما يعتق رقيقُ الرقيق إذا أوصى بعتق الرقيق على مذهب الشافعي وأبي حنيفة في أن العبد لا يملك، وأن جميع ما بيده ملك لسيده فلا يجوز له على مذهبهما الوطء بملك يمينه، ويزكي السيدُ مالَه مع مالِه وبالله التوفيق.