كان فيما أوصى لصاحبه ما لا يتم به عتقُها وكان لها مالٌ قبل ذلك عتقت فيه وأخذ منها.
قال محمد بن رشد: أما الذي أوصى لجاريته بعشرة دنانير من ثمنها فبين أنه لا يعتق منها شيء؛ لأنه إنما أوصى لها بعشرة دنانير، فسواء كانت من ثمنها أو من غير ثمنها، بل إذا كانت من ثمنها فهو أحرى ألّا يعتق شيء منها فيها؛ لأنه إنما أوصى لها بالعشرة بعد أن تباع، وأما إذا أوصى له ببعضها، فلا اختلاف في أنه يعتق منها ما أوصى لها به من نفسها إذ قد علم أنه لا يصح لها ملكُ نفسها، أَلا ترى أنه من قال لعبده: قد وهبت لك نفسك أنه بذلك حر، وإنما اختلف إذا أوصى لها ببعضها ولها مَال هل يعتق بقيتها على نفسها في مالها أم لا؟ فقال في هذه الرواية: إنه يقوم بقيتُها على نفسها في مالها، وهو قول ابن القاسم في المدونة وروايته عن مالك، ومثله في سماع عيسى ويحيى، وقيل: إنه لا يقوّم عليها بقيتُها في مالها، وهو قول ابن وهب وروايته عن مالك في المدونة.
وأما إذا أوصى لها بثلثه فقيل: إنها لا يعتق منها إلّا الثلث وهو قول ابن وهب من رأيه، وقيل: إنه يعتق منها الثلث ويقوم بقيتُها على نفسها فيما بقي من الثلث، فإن لم يحملها الثلثُ رَقّ ما بقي منها ولم يقوم عليها في مالها إن كان لها مال من غير الثلث، وهو قول مالك في رواية ابن وهب في المدونة.
ووجه هذا القول أنه إذا أوصى لها بثلث ماله فقد قصد إلى حريتها فيه، وكأنه أوصى أن تعتق فيه وأن تعطى بقيته إن كان فيه فضل عن رقبتها وهذا القول اختيار سحنون فقال فيه: إنه أعدلُ الأقوال.
ووجه قول ابن وهب أنه إذا أوصى لها بثلث ماله فقد قصد إلَى حرية ثلثها وأن تعطي بقية ثلث ماله، فوجب أن يعتق ثلثها وأن تعطي بقية ماله ولا تعتق فيه ولا في مال إن كان لها سِوَاهُ؛ لأنه هو المعتق لثلثها إذا أوصى لها به وهو