ليس له أن يوكل غيره ولا أن يوصي بذلك إلا أن يجعل ذلك إليه، وينزل وصي المحبس منزلة الوكيل على الحبس في النظر فيه بعد موت الوكيل لما ذكرناه من أنه إنما يغتله على ملكه، فوجب أن ينظر فيه الوصي كما ينظر في سائر مال من أوصى إليه، ولو قال له إذا مت فأسنده إلى من شئت فمات فأوصى إلى رجل بالنظر في ماله وعلى من يصح له التقديم عليه من بنيه لكان له النظر في الحبس الذي كان وكل على النظر فيه، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عن الرجل يحبس مائة دينار على وارث ثم على رجل من بعده، قال: يقسمها الورثة على قدر سهامهم من الميت، فينتفعون بها حتى يموت الوارث الذي حبست عليه، فإذا مات رجعت إلى الأجنبي الذي حبست عليه بعد الوارث، فإذا مات الذي حبست عليه بعد الوارث رجعت ميراثا بين من ورث الميت المحبس يقتسمونها على فرائض الله، فمن مات ممن ورث الميت المحبس فحقه لورثته.
قلت: ولا يرجع حبسا؟ قال: لا يرجع عليه حبسا، ولا يرجع حبسا إلا الدور والعبيد ونحوهم؛ لأن مالكا قال لي: لو أن رجلا حبس مائة دينار على رجل فأخذها فنقصت عنده أو ضاعت كان ضامنا لها، فليست الدنانير والدراهم حبسا.
قلت: أرأيت من حبس حليا أو ثيابا أو شيئا مما يغاب عليه أهو بمنزلة الدنانير والدراهم؟ وهل يصدق في ذلك الذي حبس عليه إذا قال ضاع مني؟ قال: بل أراه ضامنا ولا يصدق فيما ادعاه من هلاكه، ألا ترى أن المحبس كان بمنزلة السلف في الدنانير، ألا ترى لو أن رجلا أعار رجلا ثوبا سنة فضاع منه في السنة كان ضامنا، فإنما