كره له الشرط فإن وقع لم تفسُدْ الصدقة، هذا نص مَا وَقَعَ في كتاب التفسير، فقال بعض أهل النّظَرِ هذه كراهية لا وجه لها؛ لأنه اشترط ما يوجبه الحكمُ له، واشتِرَاطُ ما يوجبه الحكم لا وجه لكراهيته.
والكراهيةُ فيها بينة لوجهين أحدهما: أنه لما شرط أنه القائم بأمرهم فقد منع نفسه ما كان له جائزا من أن يُولِي غيرَه يقوم به لهم، والثاني: أنه قد اشترط أنه القائم بأمرهم حتى يبلغوا، وبلوغهم لا يكون في وقت واحد فكان قد اشترط في ظاهر أمره ألّا يسلم لمن بلغ منهم حظه حتى يبلغوا كلهم وهذا مما يبطل الحيازة؛ لأنه إن بلغ فلم يدفع إليه حظه، ومات وهو في يديه بطلت الصدقة في حظه، وفي المسألة وجه ثالث يصحح الكراهة، وهو اشتراط ذلك حتى يبلغوا، وقد يَبْلُغُوا وهم لا تُرْضَى أحوالهم ولا تجوز أفعالهم، فبِطل أن يكون الشرط صحيحا، ولو اشترط أن له أن يحُوزَ لكل واحد منهم حظه حتى يبلغ ويملك أمر نفسه لَتخلِّصَ من هذه المعاني كلها وصح اشتراطه، ولم يكن فيه وجه للكراهة، والله أعلم وبه التوفيقَ.
من سماع أشهب وابن نافع عن مالك
رواية سحنون بن سعيد من كتاب العتق قال أشهب: وسمعت مالكا وسئل عمن أعْمَرَ أمَّه عبدين) حياتها وشرط إن مات قبلها فهما لها حياتَها وإن ماتت قبله فهما عليه رَد، ثم حضرته الوفاة قبلها فأعْتَقَ أحدهما، قال: لا يجوز ذلك إلا أن تجيز أمه ذلك، فإن أجازت ذلك وطاعت بعتقه جاز وعتق، ولم ينظر إلى ما يقول الورثة إن مرجعه إلينا وإن لم يجز عتق إذا ماتت أمه وكانت تلك البقية في ثلثه.
قال محمد بن رشد: حكم العُمرى أن تكون للمعمَر حياتَه عاش