فسخها مَا لَمْ تَفُتْ بالعمل، فإن فاتت به كان للعامل أجرة مثله على حكم الإجارة تنعقد بلفظ المساقاة، ولم يحملها ابنُ القاسم على الإجارة إذْ رآها لا تنعقد بلفظ المساقاة، وكذلك على مذهبه لا تنعقد المساقاة بلفظ الإجارة لو قال له أو أجِرُكَ على سقي حائطي هذا بنصف ثمرته إذا طابت لم يجز، ويأتي على مذهب سحنون أن ذلك يجوز، وتكون مساقاة وينبغي على قول سحنون أَلا يجوز ذلك في الزرع لأنه كمن قال أحصده وهذبه ولك نصفه، وهذا لا يجوز عنده، وقول ابن القاسم أظهرُ لأن الإجارة والمساقاة عقدان مفترقا الأحكام، فلا ينعقد أحدهما بلفظ الآخر وبالله التوفيق.
مسألة قال: وأخبرني ابن أشرس عن مالك في الرجل يساقي الرجل الحائط وله بياض تَبَعٌ للنخل فيستثنيه العامل فيصيب النَخْلَ جائحة فيذهب ثمرها وقد زرع العاملُ البياضَ، قال مالك: يكون على العامل كراء البياض، قال سحنون وهي جيدة، والحجة في ذلك إذا لم يعط البياض إِلِّا على السواد، فلما ذهب السواد رجع عليه بكراء البياض.
قال محمد بن رشد: قد بين سحنون رواية ابن أَشْرَس وَوَجْهَهَا واحتج لها بما لا مزيد عليه لمن وقف على معنى ما ذهب إليه، وله في كتاب ابنه أن مالكا قال وكذلك لو عجز الرجل عن الأصل كان عليه البياض بكراء مثله، ورواه علي بنُ زياد عنه، فمعنى ما ذهب إليه سحنون أن العامل لما أجيحت الثمرة أبى أن يتمادى على عمل الحائط إلى آخر ما يلزمه من سقاية ولذلك كان لصاحب الحائط أن يرجع عليه بكراء أرضه، ولو تمادى على عمل الحائط إلى آخر ما يلزمه منه لما كان عليه في البياض، كذا يتبين تشبيه مالك لذلك بعجز العامل عن العمل، وبالله التوفيق.