قلنا إن الجزء الذي اشترطه كل واحد منهما في الزكاة على صاحبه يرجع إلى الذي اشترطه عليه منهما إن لَمْ يبلغ الثمر ما يجب فيه الزكاة؛ لأنه يقول له ساقيتك على النصف واشترطت على الزكاة فإذا لم يكن في الحائط زكاة فلا شرط لك علي، رُد على الجزء الذي اشترطته من نصيبي لتخرجه في الزكاة، إذ لا يجب في الحائط زكاة، وأما على القول بأن الجزء المشترط في الزكاة إذا لم يكن في الحائط زكاة يكون لمشترطه فالغرر إنما يكون في المساقاة إذا اشترط الزكاة فيها العاملُ على رب المال لا إذا اشترطها رب المال على العامل، وعلى هذا قوله في هذه الرواية وإن كان لم يعلل قوله فيها إِلا بالإِتباع فقال: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} [آل عمران: 137] ، وأما على القول بأنه بينهما بنصفين لأنهما يتداعيانه أو يلغى ويقتسمان الثمرة اتساعا فالغرر حاصل، كان العامل هو الذي اشترط الزكاة على رب الحائط أو رب الحائط على العامل؛ لأنه يأخذ أربعة أجزاء من عشرة إن بلغ الحائط ما تجب فيه الزكاة وكان رب الحائط هو الذي اشترط عليه الزكاة وأربعة أجزاء ونصف جزء من عشرة وأربعة أجزاء من تسعة إن لم يكن في الحائط زكاة، وخمسة أجزاء من عشرة إن بلغ الحائط ما تجب فيه الزكاة وكان العامل هو الذي اشترط الزكاة على رب الحائط وخمسة أجزاء ونصف جزء من عشرة أو خمسة أجزاء من تسعة إن لم يكن في الحائط زكاة، فهذا وجه ما في الأسديّةِ من أنه لا يجوز لأحدهما أن يشترط الزكاة على صاحبه، وروايةُ أشهب هذه عن مالك في أنه يجوز لرب الحائط أن يشترط الزكاة على العامل ولا يجوز للعامل أن يشترطها على رب الحائط حظها في النظر، والقياسُ هو ما ذكرناه من أن قوله فيها يأتي على قياس القول بأن الجزء المشترط في الزكاة يكون لمشترطه إذا لم يكن في الحائط ما تجب فيه الزكاة، وفي ذلك أيضا الإِتباع حسبما احتج به فيها من قوله {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} [آل عمران: 137] ، والفرق بالعكس وجهه ما بيناه من أن الغرر لا يكون إذا كان العامل هو مشترط