وكذا فأخذ بالشفعة فيسلم إليه الشفعة فيعطيه الذي أربحه فيظهر بعد على أنه أخذها لغيره ويقر بذلك ويقول: لم يكن لي شيء وقال لي هذا الرجل: خذه ولك كذا كذا، فقال مالك: أما أصل البيع فلا يجوز، ولكن من أين يعلم هذا أنه قال له ذلك؟ فقيل له: يقر بذلك صاحب الشفعة، فقال: ليس إقراره بشيء ولكن لو ثبت ببينة أو أمر ثابت رأيت أن يرد في رأي المشتري لأنة إنما أخذ الشفعة لغيره ولكن كيف يعلم هذا وإذا علم رد.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إنه ليس للشفيع أن يأخذ بالشفعة لغيره؛ لأن الحق إنما هو له لدفع الضرر عن نفسه، قيل: ضرر الاشتراك وقيل: ضرر القسمة، وكذلك ليس له أن يأخذ بالبيع، وقد قالوا في المديان: إن له أن يأخذ بالشفعة فيباع لغرمائه، وفي ذلك نظر؛ لأنه إنما يأخذ للبيع وقد استحسن أشهب ألا يكون ذلك، وأما المريض فإنه يأخذ بالشفعة ولا اعتراض في ذلك، وإن كان أخذه في هذه الحال إنما هو لورثته لأنه إن لم يأخذ ذلك في مرضه كان لهم أن يأخذوه لأنفسهم بعد موته وبالله التوفيق.
مسألة قلت لمالك: أرأيت الذي يوصي في حائط له لقوم بثلثه أو بسهم منه معلوم أو أجر معلوم فيبيع بعضهم؟ فقال: إذا باع بعضهم فشركاؤه في ذلك الثلث أو ذلك السهم أحق بالشفعة فيما باع شريكهم فيه ثمن أهل الحائط.
قال محمد بن رشد: قول مالك هذا في رواية أشهب عنه أن الموصى لهم أهل سهم واحد مثله في كتاب ابن المواز وحكاه عن أشهب وابن عبد الحكم وحكاه الفضل عن عيسى بن دينار وابن القاسم بجعلهم كالعصبة فيرى للورثة الدخول معهم، وعلى هذا الاختلاف يختلف في الموصى له