وجهه لم يلزمه ضمان المال، كما لو اشترط أنه لا شيء عليه من المال، وهذا عندي فيه نظر، إذ لا فرق بين أن يقول.: أنا ضامن لوجهه، ولا يزيد على ذلك وبين أن يقول: لا أضمن إلا وجهه، في وجوب ضمان الوجه عليه، وضمان الوجه يلزمه المال إذا لم يأت بالوجه.
والذي يوجبه النظر في ذلك عندي أن ينظر فيه إلى البساط؛ لأن في قوله لا أضمن إلا وجهه، دليل على أنه قصد إلى نفي ما سئل إياه، فإن كان قيل له: تضمن فلانا أو تضمن المال عن فلان، فقال: لا أضمن إلا وجهه، لزمه ضمان المال، ولم يأت بالوجه على حكم ضمان الوجه، وإن كان قيل له: تضمن وجه فلان، فإن لم تأت به، غرمت ما عليه، فقال: لا أضمن إلا وجهه، لم يلزمه ضمان المال بحال. وبالله التوفيق.
مسألة وسمعت ابن القاسم تكلم في شيء من الحمالة فقال: إنما هي ثلاثة وجوه، وهذا الذي آخذ به لنفسي إذا قال: أنا أتحمل لك بالوجه، ليس أنا من الدين في شيء، فليس عليه إلا وجهه يطلبه أبدا، وإن قال: تحمل لي بوجهه، فإن لم تأتني به غدا فالحق عليك، فإن لم يأت به إلى قدر ما تلوم له السلطان إذ لو رفع إليه، فالحق عليه، ولو رفع إلى السلطان تلوم له اليوم واليومين والثلاثة، يطلبه بعد الأجل، قال: وإن تحمل بالوجه هكذا، ولم يأت به حتى مضى الأجل، وبعد ذلك بشهرين أو ثلاثة، أو أربعة، ثم جاء به، فليس له إلا وجهه، يعني ما لم يخاصمه، فيقضي له عليه.
قال محمد بن رشد: افتراق هذه الوجوه الثلاثة صحيح كما ذكر، غير أن لبعضها تفسيرا وفي بعضها اختلاف، فأما الوجه الأول، وهو أن يتحمل بالوجه، ويشترط ألا شيء عليه من المال، فقد مضى تفسيره في