به رهنا، فذلك بمنزلة أن لو أسلفه إياه ابتداء، على أن يأخذ منه به حميلا أو يرهنه به رهنا، ولو كان معسرا، إن قام عليه، لم يجد عنده إلا بعض حقه، لما جاز أن يؤخره بالجميع، على أن يعطيه به حميلا أو رهنا؛ لأنه يصير سلفا جر منفعة، إذ لو لم يؤخره وقام عليه بحقه، لوجب أن يؤخره ببعضه؛ لقول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] فيصير إنما أخره بما كان يجد عنده من حقه، لو قام عليه على أن يعطيه رهنا أو حميلا بالباقي، وذلك لا يجب عليه، وقد وقع في رسم البيوع من سماع أشهب، من كتاب المديان والتفليس، مسألة قال فيها بعض الشيوخ: إنها معارضة لهذه، وليست بمعارضة لها؛ لأن المعنى فيهما مختلف. وقد بينا ذلك هنالك، وبالله التوفيق.
مسألة قلت: أرأيت لو قال الحميل أنا أتحمل لك، وتضع عشرة دراهم؟ قال: لا يصلح ذلك، بمنزلة أن لو قال: أعطني عشرة دراهم من دينك وأنا أتحمل لك، قال: لا يصلح، وذلك ذمة بذمة.
قال محمد بن رشد: الجواب في هذه المسألة صحيح والتعليل فاسد، إذ ليس ذلك ذمة بذمة، إنما هو غرر وجعل على سلف، قد يكون ولا يكون، إذ لا فرق بين أن يتحمل الحميل على عشرة يشترطها لنفسه أو لغيره؛ لأنه إذا فعل ذلك، كان قد أخذ العشرة لنفسه، أو لمن يشترطها له، على أن يؤدي عن المطلوب الحق، إن طلب به على وجه السلف عنه، ثم يرجع به عليه، وذلك ما لا يجوز باتفاق.
وقد مضى في أول مسألة من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب،