على أن يحمل عليها غير الخمر، ويقوم له أيضا ما افتدى في سفينته بتنجيسها بالخمر الذي حُمل عليها مع الأدب على الوجهين جميعا: العداء وحمل الخمر، وأما النصراني فلا يلزمه الأدب إلا على العداء خاصة، والله الموفق.
ومن كتاب أوله أوصى أن ينفق على أمهات أولاده وسئل ابن القاسم عن رجل خلط قمحا لرجل بشعير لآخر، وذهب فلم يعرف قال: أرى أن يباع ويقسموا ثمنه على ثمن ما يسوى ذلك اليوم، ما يسوى القمح والشعير، ولا أحب أن يقتسموه على الكيل.
قال محمد بن رشد: إذا ذهب الذي خلطها، أو لم يعرف، فهو بمنزلة إذا اختلط من غير عَدّ، والذي يوجبه الحكم في ذلك، أن يقتسماه بينهما مخلوطا على قيمة القمح والشعير يوم الخلط، ويقوم غير معيب، بدليل ما في المدونة خلاف ما ذهب إليه سحنون من أنه يقوم القمح معيبا، والشعير غير معيب.
والذي يدل عليه ما في المدونة أظهر؛ إذ لو وجب أن يقوم القمح على أنه مخلوط بالشعير، لوجب أن يقوم الشعير أيضا على أنه مخلوط بالقمح، وذلك ما لم يقله سحنون. فقوله: أرى أن يباع فيقسموا ثمنه، على ما يسوى القمح والشعير استحسان؛ إذ لا مانع يمنع من اقتسامه بعينه على القيم، ولو لم يجز اقتسامه بعينه على القيم، لما جاز اقتسام ثمنه على ذلك؛ لأنه إنما يباع على ملكهما، فإنما يأخذ ثمن ما كان له أخذه، وإنما قال: لا أحب أن يقسموه على الكيل، يريد الطعام المخلوط؛ لأنه لما كان الحكم يوجب أن يقتسماه بينهما على القيم، لم يجز أن يقتسما على الكيل؛ لأنه يدخله التفاضل فيما لا يجوز فيه التفاضل من القمح والشعير.
وقوله: لا أحب، تجاوز في اللفظ، وتساهل فيه، وكان الواجب أن يقول في ذلك: لا يجوز، وكذلك الثمن