بشيء، عكس القول الأول، فإن كانوا جميعا عدما، رجع على من أيسر أولا منهم. وقد قال ابن القاسم في كتاب كراء الدور من المدونة: إنه إن كان الواهب عديما، فرجع المتعدى عليه على الموهوب له، لم يكن للموهوب له أن يرجع على الواهب، وهو خلاف ما يوجبه القياس، فيتحصل في المسألة خمسة أقوال بقول أشهب، وقد روى ابن عبدوس عنه: أن الغاصب إذا وهب الثوب أو الطعام لمن استهلكه، كان للمستحق أن يتبع من شاء منهما. قال ابن عبدوس: وسمعت سحنون يستحسن قول أشهب، ويحتج بالبيع لو ابتاع الطعام فأكله، كان له أن يضمن من شاء منهما: الغاصب أو المشتري، فكذلك الموهوب له، وبالله التوفيق، اللهم لطفك.
ومن كتاب أوله يوصي بمكاتبه بوضع نجم من نجومه قال ابن القاسم: إذا اغتصبت أم ولد رجل، فماتت عند المغتصب، كان عليه غرم قيمتها لسيدها أمة ليس فيها عتق.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم هذا صحيح، على قياس قوله وروايته عن مالك في أن على قاتل أم ولد الرجل، قيمتها أمة لسيدها، خلاف قول سحنون: إنه لا قيمة عليه فيها؛ إذ ليس لسيدها فيها إلا الاستمتاع بوطئها، ولا قيمة لذلك، وكذلك إذا غصبها فماتت عنده؛ لأنه لا ضمان عليه فيها، كالحرة يغتصبها فتموت عنده.
وقول ابن القاسم وروايته عن مالك أصح؛ لأن أم الولد أحكامها أحكام أمة حتى يموت سيدها فتعتق بموته، فلا تشبه الحرة، ألا ترى أن الحرة لا يضمنها بالنقل بخلاف الأمة ومن فيها بقية رق. وقد روي عن مالك فيمن غصب حرا فباعه أنه يكلف طلبه، فإن أيس منه، ودى ديته إلى أهله.
ونزلت بطليطة، فكتب القاضي بها إلى محمد بن بشير بقرطبة،