ذلك، إلا أن يخاف أن تنزع عن خوف.
قال محمد بن رشد: قال في هذه الرواية: إنه إن كان ما ادعت شيئا له وجه، كتب بأمرها، حتى يستبرأ ذلك، يريد: بعد أن يؤخذ من سيدها حميل. ولم يفرق في هذا بين القرب والبعد، بل يريد التسوية بينهما. وقد قيل: إنه لا يلزم السيد شيء إذا كان الموضع بعيدا، وهو دليل ما في سماع عبد المالك بن الحسن، من كتاب الأقضية. وحد القرب في ذلك باليوم ونحوه. وقد مضى هناك تحصيل القول في هذه المسألة، بما لا مزيد عليه.
وقوله: إن ما كان في ذلك من نفقة أو مئونة فعلى المشتري؛ معناه: إنه ليس له أن يرجع بشيء من ذلك على البائع على حال، ثبتت حريتها، أو لم تثبت؛ إذ لا يجب شيء من ذلك عليه، إلا أن يتطوع به، وإنما يجب ذلك على الإمام من بيت المال.
وقوله: إنها لا ترد على البائع بقولها، صحيح؛ لأنه عيب حدث عند المشتري، فإن باعها هو ولم يبين بأنها ادعت الحرية عنده، كان ذلك عيبا يجب به الرد عليه. قال ذلك في أول سماع ابن القاسم من كتاب العيوب.
وقوله: وإن سمت بلدا بعيدا، ولم تنتسب نسبا يعرف، ولا شيئا بينا إلا ملتبس، لم يكن من ذلك على البائع شيء، كلام فيه نظر؛ إذ لا اختلاف ولا إشكال في أنها لا ترد على البائع بدعواها الحرية عند المشتري، وإن أشبه ما ادعته من ذلك، ولا يرجع عليه المشتري بما أنفق في استبراء ما ادعته، فينبغي أن يتأول على أنه إنما أراد أنه إن باعها ولم يبين بدعواها الحرية عنده، لم ترد عليه إن كانت سَمَّت بلدا بعيدا، أو لم تنتسب نسبا يعرف، بخلاف إذا أتت من ذلك بأمر يشبه، والله أعلم.
وإذا استحقت الجارية بحرية لم يلزمها الذهاب مع المشتري إلى موضع بائعه، ليسترجع منه ثمنه، وإنما يكتب له القاضي بصفتها، ذكر ذلك ابن عبدوس، عن ابن القاسم، وذكر ابن حبيب في وثائقه على ما حكى عنه الفضل: إن من حق المشتري الذي استحق من يده، أن ترفع معه ليأخذ رأس ماله من البائع، مثل ما لو استحق برق، وقال ابن كنانة: ترفع معه إن كانت غرت، ولا ترفع معه إن كانت لم تغر،