لأفتك به رهنا لي عند فلان، فسأله البائع حميلا، فلم يجد إلا صاحب رهنه، فلا ينبغي للمرتهن أن يتحمل عنه شيئا يصير من حقه إليه، كما لا ينبغي له أن يبيع له شيئا يصير له قضاء من حقه.

قال محمد بن رشد: تنظيره مسألة الذي سأل الرجل أن يتحمل عنه بثمن شيء يصير من حقه إليه، بمسألة الرجل يبيع الرجل شيئا يصير له قضاء من حقه، ليس بتنظير صحيح؛ لأنهما مسألتان متغايرتان متباينتان مفترقتا المعنى، أما مسألة الحمالة فالعلة فيها أن الحميل تحمل بالرجل، رجاء أن يقضيه المتحمل عنه السلعة التي اشتراها فأشبه الحمالة بالجعل. وأما مسألة الذي يبيع الرجل شيئا يصير له قضاء من حقه، فمعناها أن يبيعه شيئا بثمن إلى أجل، يصير له قضاء من حقه الذي قد حل له. والعلة فيها أنه يدخلها فسخ الدنانير في أكثر منها إلى أجل، وهو الربا المحرم بالقرآن، مثال ذلك: أن يكون للرجل على الرجل عشرة دنانير حالة، فيبيعه سلعة قيمتها عشرة دنانير، بخمسة عشر إلى أجل، ليبيعها بعشرة، ويقضيها إياه، فيكون البائع قد رجع إليه ثمن سلعته، فكأنه باعها من غيره أو منه بعشرة دنانير، وأخره بالعشرة الحالة التي كانت عليه إلى أجل، على أن يزيده فيها خمسة دنانير ربا، ووجه التنظير بينهما على تغايرهما وافتراقهما، أن المكروه في كل واحدة من المسألتين، لم يشترطاه، وإنما رجواه، ولو اشترطاه، فقال الحميل: إنما أتحمل عنك بثمن السلعة، على أن تقضيني إياها في حقي، وقال البائع للشيء: إنما أبيعك إياه بالدين، على أن تبيعه أنت بالنقد، وتوفيني ثمنه فيما لي عليك، لكان المكروه في كل واحدة منهما أشد وأبين. وبالله التوفيق.

[مسألة: الرهن يحل بيعه وصاحبه ناء عن السلطان فيأمره ببيعه]

مسألة وعن الرهن يحل بيعه، وصاحبه ناء عن السلطان، فيأمره ببيعه، فلا يجد أحدا يعنى فيه إلا بجعل، على من يكون الجعل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015