دين حمالة، وحمالة العبد لسيده إذا لم يكن عليه دين جائزة لازمة له في ذمته، وإن مات أو فلس كالحر سواء.
فلما أحاله عليه قبل أن يفلس ثم فلس كان له أن يحاص الغرماء ويرجع على الذي أحاله ببقية حقه لما ذكرناه من أن الحوالة على غير أصل دين حمالة، وكان لغرماء العبد أن يرجعوا على السيد بما صار لغريمه المحال في المحاصة على ما ذكرناه في تأويل المسألة من أن السيد مقر أنه أحاله على عبده بعد أن اغترقت الديون ذمته، وبالله التوفيق.
مسألة قلت: أرأيت لو أن مفلسا ورث أباه أو وهب له ماذا يكون للغرماء منه؟
قال: إن ورثه لم يعتق إذا كان الدين يحيط به وكان الدين أولى به كشيء أفاده. وأما إن وهب له فهو معتق عليه وليس لأهل الدين فيه شيء؛ لأنه لم يوهب له ليأخذه أهل الدين إنما أراد حين وهب له أن يعتقه، فإذا أخذه أهل الدين كان أضر به.
قال الإمام القاضي: أشهب يقول: إن العتق أولى به في الميراث كالهبة، وبه قال محمد بن المواز، ولا وجه للتفرقة في ذلك بين الميراث والهبة.
واعتلاله لوجوب العتق فيه بالهبة بأنه لم يوهب له ليأخذه أهل الدين، إنما أراد أن يعتقه - اعتلال فاسد، إذ لا يدرى حقيقة ما أراد، فلعله إنما أراد منفعة الموهوب له بأن تؤدى عنه ديونه من ثمنه، لا سيما إن كان ممن يجهل أنه لا يصح له ملكه.
ولا يصح في المسألة على مقتضى القياس إلا قولين (كذا) : أحدهما: أنه يعتق في الوجهين جميعا وهو قول أشهب، والثاني: أنه لا يعتق في الوجهين جميعا ويباع للغرماء فيهما.
والأصل في هذا الاختلاف اختلافهم فيمن ملك من يعتق عليه هل هو حر بنفس ملكه إياه أو ليس بحر حتى يعتقه أو يعتق عليه، فعلى القول بأنه حر بنفس ملكه إياه يكون حرا في الوجهين جميعا ولا يكون لأهل الدين فيه حق وهو قول أشهب، وعلى القول بأنه لا يكون حرا حتى يعتقه أو يعتق