قال محمد بن رشد: قوله في المتكاري يفلس ومتاعه على الإبل التي اكتراها: إن الجمال أولى به حتى يستوفي كراءه - هو نص قوله في المدونة وغيرها، وفي ذلك تفصيل: أما إذا أسلم المتاع إلى الجمال ليحمله على جماله فأفلس صاحب المتاع والمتاع بيد الجمال فلا اختلاف في أنه أحق به في الموت والفلس من الغرماء؛ لأنه كالرهن بيده، وأما إذا أسلم الجمال الإبل إلى المكتري ليحمل عليها متاعه ففلس المكتري قبل أن يصل أو عند وصوله قبل أن يحوز متاعه ويرد الإبل إلى الجمال، فالمشهور أن الجمال أولى بالمتاع حتى يستوفي جميع كرائه، وهو الذي في كتاب التفليس من المدونة.
وعلل ذلك بأنه إنما بلغ الموضع على إبله، والعلة الصحيحة في ذلك أنه كالرهن بيده؛ لأن كونه على ظهور إبله قبض ويتخرج في ذلك قولان سواه: أحدهما: أنه أسوة الغرماء في الموت والفلس جميعا، إذ ليس المتاع بيده رهن له قد حازه فيكون أحق به في الموت والفلس جميعا، ولا هو عين ما باعه فيكون أحق به في التفليس دون الموت على ما جاء في الحديث المأثور الصحيح في ذلك، والثاني: أنه أحق في الفلس دون الموت، ووجه هذا القول أن حمل المتاع من البلد إلى البلد على الإبل تنمية له، فأشبه اكتراؤه عليه ابتياعه إياه فوجب أن يكون المكري الجمال أحق به في الفلس دون الموت كما لو باعه منه.
وهذا على قياس القول في رب الأرض يكري الأرض فيزرعها المكتري ثم يفلس أن رب الأرض أحق بالزرع من الغرماء في الفلس دون الموت على هذا التعليل الذي وصفناه.
وقد مضى في أول سماع أشهب ما يبين ما ذهبنا إليه في هذه المسألة، ومسألة السفينة محمولة على مسألة الدابة؛ لأن المعنى فيهما جميعا سواء.
وأما مسألة الحانوت والدار فلا اختلاف في أنه لا يكون واحد منهما أولى بما فيها من المتاع والأثاث إذا فلس المكتري لهما قبل أن يستوفي كراءه منهما لا في الموت ولا في الفلس إذ لم يبعه شيئا من ذلك ولا هو رهن بيده، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عن رجل باع عرصة فبنى فيها المشتري ثم جاء