ورآها من ناحية الصدقة، ولم يرها من ناحية البيع.

قال أصبغ: وذلك أن الحمالة معروف. ألا ترى أن حمالة المرأة لا تجوز إذا كانت ذات زوج إذا جاوزت الثلث الذي يجوز قضاؤها فيه؛ لأنها أنزلت كالصدقة. ألا ترى أن حمالة العبد الْْمُسْتَتْجَرِ أيضا لا تجوز؛ لأنها ليست من التجارة، إنما هي معروف وليس المعروف من التجارة التي سلط عليها.

قال محمد بن رشد: قوله في الذي عليه دين يحيط بماله أو ببعضه، إنه لا يسعه فيما بينه وبين خالقه أن يتحمل بحمالة وهو يعلم أنه يغرم، وإن الحمالة تفسخ وترد ولا تجوز؛ لأنها من المعروف، صحيح بين لا إشكال فيه.

وقوله في الذي لا يحيط الدين إلا ببعض ماله: إن حمالته لا تجوز، معناه: إذا كانت حمالته التي تحمل بها لا يحملها ما فضل من ماله عن الدين الذي عليه، وأما إن كانت الحمالة التي تحمل بها يحملها ما يفضل من ماله بعد ما عليه من الدين، فهي جائزة في الحكم سائغة لمن فعلها، وإذا كان الرجل قائم الوجه يبيع ويشتري ويتصرف في ماله، فحمالته وهبته وصدقته جائزة نافدة، وإن علم أن عليه ديونا كثيرة، ما لم يعلم أنها مستغرقة لماله، فهي على الجواز حتى يثبت أنه لا وفاء له بما فعل من المعروف.

وقد مضى هذا المعنى في سماع عيسى من كتاب الرضاع، والمسألة بعينها متكررة في سماع أبي زيد من كتاب الكفالة والحوالة، وبالله التوفيق.

[مسألة: فلسه قوم ثم داينه رجل منهم]

مسألة قال: وسمعته يسأل عن رجل فلسه قوم ثم داينه رجل منهم، ثم فلس ثانية، فلم يكن في ماله وفاء بدينه الذي أسحره الآخر به، ثم داينه بعد ذلك بشيء آخر، فربح فيه ربحا كثيرا ثم فلس ثالثة، أيكون هذا الذي داينه أولى بجميع ما بيده حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015