الهبات من المدونة. والأصل فيها قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أيما رجل أفلس فأدرك رجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره» ؛ لأنه إذا وقف له ليثبته ففد أدركه، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عن رجل جاء قوما فقال أنا أشهدكم أن لي على فلان كذا وكذا دينارا وفلان ذلك مع القوم في المجلس ساكت فلم يقل نعم ولا لا، ولم يسأله الشهود عن شيء، ثم جاء يطلب ذلك قبله فأنكر أن يكون عليه شيء، هل يلزمه شيء؟
قال: نعم، ذلك لازم إذ سكت ولم يقل شيئا.
قال محمد بن رشد: اختلف في السكوت هل يعد إذنا في الشيء وإقرارا به أم لا على قولين مشهورين في المذهب منصوص عليهما لابن القاسم في غير ما موضع من كتبه: أحدهما هذا: أنه إذن، والثاني: أنه ليس بإذن، وهو قول ابن القاسم أيضا في سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح وفي سماع أصبغ من كتاب المدبر.
وأظهر القولين أنه ليس بإذن؛ لأن في قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها» دليلا على أن غير البكر بخلاف البكر في الصمت.
وقد أجمعوا على ذلك في النكاح، فوجب أن يقاس ما عداه عليه إلا ما يعلم بمستقر العادة أن أحدا لا يسكت عليه إلا راضيا به فلا يختلف في أن السكوت عليه إقرار به، كالذي يرى حمل امرأته فيسكت ولا ينكر ثم ينكره بعد ذلك وما أشبه