وإن كان بإذن جميع الورثة من أجل الدين لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] ، خلاف ما مضى في رسم كتب عليه من سماع ابن القاسم من أن مصالحة الورثة المرأة قبل تأدية الدين جائزة، وخلاف ما في كتاب المديان من المدونة في أن بيع الورثة للتركة إذا لم يعلموا بالدين جائزة.
فالبيع والقسمة في شيء من التركة قبل تأدية الدين على رواية أشهب هذه مفسوخ لمطابقة النهي له بمخالفة أمر الله فيه لقوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] لا خيار للغرماء في إجازته، وذلك جائز على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك إذا وفوا الدين من أموالهم أو من بقية التركة.
وعلى هذا يأتي قول مالك في الذي يحلف بعتق رقيقه ليقضين غريمه إلى شهر فيمنع من بيع رقيقه حتى يقضي أنه إن باع منهم وقضى الحق من ثمنهم قبل الأجل لسلم من الحنث، واضطرب قول ابن القاسم في انتقاض القسمة إذا كانوا قد قسموا جميع التركة ثم طرأ دين فأبوا أن يخرجوه من أموالهم، وفي هذا تفصيل قد ذكرته في غير هذا الكتاب، وهو كتاب المقدمات، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عمن أوصى لرجل بمائة درهم أعطوه إياها وخذوا منها خمسة دنانير لي عليه، فقال الموصى له: ما له علي شيء، فأطرق فيها، ثم قال: ما أراه أعطاه المائة درهم إلا على هذا، فلينظر فإذا كان في المائة درهم فضل عن الخمسة دنانير أعطيه الموصى له في رأيي، وإن كانت الخمسة دنانير أكثر من المائة درهم أحلف فيما فضل في رأيي، فإن لم يحلف غرمها.
قيل له: يحلف وإن لم تكن بينهما مخالطة؟
فقال: وإن لم تكن بينهما، مخالطة، ليست المخالطة هنا شيئا.
ومن سماع عيسى