قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى تحصيل القول فيها في أول رسم من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته، ومضى القول فيها أيضا مستوفى في رسم الشجرة تطعم بطنين من سماع ابن القاسم من كتابه تضمين الصناع، وبالله التوفيق.
ومن كتاب البيوع وسئل: عمن توفي وترك عليه مائتي دينار دينا وستين دينارا، وترك من العين مائتي دينار بيع فيها متاعه وما كان له، فقال ابن الميت: أنا أدفع إليكم ما نض وأتحمل لكم بنصف ما بقي وتحللوا أبي من نصفه.
فقال: ما يعجبني هذا ولا أحبه، وإنما يجوز هذا بأن يقر مال أبيه بيده ويتحمل بدينه كله، يكبر الصغير وينمو ويصلح ما في يده، ولا يكون ما فضل له ولكن يكون للورثة معه، فهذا الذي يصلح ويجوز.
فأما أن ينض المال ويبيع المتاع ويصير عينا فيدفعه إليهم ويصالحهم فيما فضل على أن يتحمل لهم بالنصف ويوضع عن أبيه النصف فلا يعجبني هذا.
قلت: أرأيت إن أسلم له كل شيء وتحمل به، ثم جاء بعد هذا الدين دين آخر، فقال الغريم الذي طرأ: أنا أغرمك أيضا قد تحملت عن أبيك، وقال هو: إنما تحملت بهذا الدين الذي قد علمت.
فقال: أرى ذلك لازما له أن يغرم لهم.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله أنه إذا أعطى الابن الغرماء ما نض من مال الميت وصالحهم في الباقي على أن يتحمل لهم بنصفه ويضعوا عن أبيه النصف لم يجز.
ووجه الكراهة في ذلك أنه إن جاء غريم آخر لم يعلم به كان له أن يدخل على الغرماء فيما قبضوه فيحاصهم