أدرك بيد المبتاع إلا أن يرد ما نابها من العشرة المقبوضة كما لو باعها على حدة بعشرة فاقتضى من ثمنها خمسة، والقول الثاني أنه ليس للبائع أن يأخذ الراوية التي وجد إلا أن يرد جميع العشرة التي قبض، فإن أراد ذلك قبض الراوية التي وجد وكان أسوة الغرماء بالعشرة الأخرى التي هي ثمن للراوية الفائتة، وهو قول مالك في الموطأ لأنه قال فيه: فإن قبض من ثمن المتاع شيئا فأحب أن يرده ويقبض ما وجده من متاعه ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء فذلك له، وهذا القول أقيس لأنها صفقة واحدة فلا تبعض، ووجه القول الأول أنه لما افترق حكم ما فات مما لم يفت حكم لكل واحد منهما بحكم ما اشترى على حدة بعد أن يقبض الثمن على الجميع، ويأتي على مذهب الشافعي في هذه المسألة أنه يأخذ الراوية التي أدرك بالعشرة التي بقيت له ولا يرد شيئا، وتكون العشرة التي قبض ثمنا للراوية التي فاتت، وأهل الظاهر يقولون: إنه إذا قبض من الثمن شيئا فهو أسوة الغرماء بجميع ما بقي له منها، ولا يكون له حق في أخذ شيء مما أدرك بدليل قوله في الحديث: «أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به» . وقوله في آخر المسألة قال مالك: إلا أن يشاء الغرماء في الراوية التي وجدها أن يدفعوا إليه ما بقي من ثمنها ويأخذوها فذلك لهم صحيح على قياس قوله في أول المسألة، يريد ويضرب بما بقي من دينه معهم، ويأتي على ما في الموطأ أن ذلك ليس لهم حتى يدفعوا إليه جميع دينه، وهو نص قول مالك في رواية ابن وهب عنه، ولو جد الراويتين جميعا وقد قبض بعض ثمنهما كان مخيرا بين أن يسلفهما ويكون أسوة الغرماء بما بقي له وبين أن يرد ما قبض ويكون أحق بهما قولا واحدا في المذهب خلافا لأهل الظاهر في أنه أسوة الغرماء ولا خيار له، وخلافا للشافعي في أنه يكون له من الراويتين بحساب ما بقي له من الثمن، وبالله التوفيق.