من جودة البناء ورداءته، وإنما كان يجب أن يقضي على الغاصب بتخريب الرحى التي أحدثها تحتها إن كان لم يغدرها بذلك، ويمكن إذا خربت أن تعاد على حالها ويكون عليه مع هذا قيمة بنيانها، فيمكن أن يتأول قوله وأمر القاضي أهل الغاصب بقلع نقضهم على هذا، ويقال: إن سكت عن ذكر قيمة البنيان للعلم به فلا يكون الحكم على هذا خطأ كما تأول أصبغ وهو الأولى لأنه يبعد أن يحكم للمغصوب منه بما لا منفعة له فيه من هذه الرحى المحدثة لا أكثر فيمضي مال الغاصب في غير منفعة تصل إلى المغصوب أو أن يحكم له بقيمة رحاه على الغاصب ثم يقضي عليه أيضا بهدم رحاه التي أحدثها، وعلى كلا التأويلين لا يكون للإمام ما ذهب إليه من أن يخرج المحكوم له المغصوب من الرحى المحدثة إذ قد اشترى نقضها من ورثة الغاصب الذين قضى عليهم بقلعه وأقره في موضعه لأنه ينزل بذلك منزلة بانيه الذي قد استحقه ببنيانه إياه لأن ذلك إحياء له على مذهبه وإن لم يستأذن الإمام لا سيما وقد بنى هو بذلك الموضع أرحية بعلم الإمام والقاضي وجميع الناس كما ذكر في السؤال، وقول أصبغ في هذه المسألة: إن من أنشأ رحى فيما قرب من العمران على نهر فليس عليه أن يستأذن الإمام في ذلك بعيد عندي، والصواب أن ذلك لا يكون له إلا بإذن الإمام إذا كانت الضفتان لجميع المسلمين كما لا يكون له إذا كانت الضفتان ملكا لرجل إلا بإذن ربهما، وقد قيل فيمن أحيا مواتا فيما قرب من العمران بغير إذن الإمام: إن للإمام أن يخرجه منه ويعطيه قيمة بنيانه منقوضا، فعلى هذا القياس يكون للإمام في هذه المسألة ما ذهب إليه من أن يخرج المحكوم له من الرحى المحدثة ويعطيه قيمة بنيانه منقوضا، وبالله التوفيق.
من سماع حسين بن عاصم من ابن القاسم قال حسين: سألت ابن القاسم عن سداد الأرحية إذا كانت قد تقادمت في أيدي أهلها أربعين سنة أو خمسين سنة فيشتري قوم خشبا في جبل هو على ذلك الوادي فيريدون المرور بها في