أحدهم وهو الأعلى منهم فلا يلزم الأعلى أن يعمل مع الأسفل إذ لا منفعة له في العمل ولا ضرر عليه في تركه لتأتي السقي له في الحالتين جميعا، هذا الذي يأتي في هذه المسألة على أصولهم، وقوله فيها: فإن اختنقت الساقية فاحتاجت إلى الكنس وكان بعضهم ينتفع وبعضهم بأسفلها لأنها هي الساقية التي يتصور فيها أن ينتفع بعضهم بأعلاها وبعضهم بأسفلها، وأما ساقية ماء السقي فأعلاها ينتفع به الأعلى والأسفل، وأسفلها لا ينتفع به إلا الأسفل وحده، وقد مضى الحكم في ذلك وتفصيل القول فيه. وأما حكم الساقية التي تجري في المحاج بالأثقال والرحاضات فالحكم فيه على ما قال أصبغ في الرواية من أن يعمل الأعلى مع الأسفل ولا يعمل الأسفل مع الأعلى للعلة التي ذكرها من أن ماء الأعلين ووسخهم يجري على الأسفل، وليس للأسفل على الأعلى مجرى، وقد بين ذلك سحنون فيما حكى عنه ابن أبي زيد في النوادر من رواية أبي بكر بن محمد فقال: على الأول أن يكنس وحده حتى يبلغ إلى الثاني، ثم على الأول والثاني الكنس حتى يبلغا إلى الثالث، ثم على الأول والثاني والثالث الكنس حتى يبلغوا إلى الرابع، هكذا أبدا حتى يبلغوا إلى آخرها، وهذا لا اختلاف فيه إذا كانت تجري في الأزقة والطرق، وأما إذا كانت تجري في الدور والأملاك فقيل: إن على كل واحد من أرباب الدور والأملاك أن ينقي ما في داره أو ملكه منها، وهو الذي يأتي على مذهب أشهب وأحد قولي ابن القاسم في أن تنقية الكنف المشتركة على قدر الأنصباء، وتنقية كنف الدور المكتراة على أرباب الدور لا على المكترين، وبالله التوفيق.

[مسألة: هل يلزم استئذان الإمام في إنشاء الأرحى على الأنهار]

مسألة وسئل عن إمام اغتصب أرحية على نهر، وتلك الأرحية قديمة بذلك الموضع، فعمد الغاصب فخربها وبنى تحتها قريبا من موضع المغصوبة منه أرحية بنقض المغصوبة، فأقامت الأرحية بالموضع الذي أنشأها فيه الغاصب زمانا طويلا خمسين سنة أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015