حزت ما قطع لك بعمارة ولا بناء حتى جاء غيرك فعمر وبنى، يقطع أحدهم فيذهب ويدعها، ولا يعمرها حتى يريد منعها بذلك شأن قطيعة هذا ضعيفة لم يحزها بعمارة ولا بناء حتى عمرها غيرك، فقال: إنما عمرها وأنا غائب، فقال له: كم غبت؟ فقال: ثلاثة أشهر، فقال له: فما كان هنالك أحد يعلمه أنك أقطعتها؟ فقال: لا أدري، فقال: وما عمارة هذا لها مؤنة؟ فقال: إي؛ لعمري إن لها لمؤنة، بنى فيها حوانيت، فقال له: ما أرى قطيعتك إلا ضعيفة، لم تحزها حتى عمرها غيرك، وأريت من أقطعك إياها؟ فقال: والينا، فقال: وأريت واليكم أمر أن يقطع أحدا؟ ما أرى أمرك إلا ضعيفا، وارفع أمرك إلى السلطان.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن العامل أقطعه الأربعمائة ذراع من الأرض الموات فيما قرب من العمران، بدليل قوله بنى فيها حوانيت؛ إذ لا تبنى الحوانيت في الفيافي والقفار، وقد اختلف فيما قرب من العمران من الموات الذي يتشاح الناس فيه، فقيل: ليس لأحد أن يحييه إلا بقطيعة من الإمام، فإن فعل نظر الإمام في ذلك، فإن رأى أن يقره له أقره، وإن رأى أن يقره للمسلمين ويعطيه قيمة بنيانه منقوضا أو يأمره بنقضه فعل، وإن رأى أن يقطعه غيره أقطعه، ويكون للأول قيمة بنيانه منقوضا، وهو قول مطرف وابن الماجشون، وهو معنى ما في المدونة إذا قال فيها: إن ما قرب من العمران وما يتشاح الناس فيه، ليس لأحد أن يحييه إلا بقطيعة من الإمام، وقيل: إنه إن فعل أمضى ذلك الإمام مراعاة للخلاف، وهو قول أشهب، فعلى هذا القول تأتي روايته هذه عن مالك في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015