والمقطع، فقام ولد المقطع، فأرادوا الرفع في العين، فأبى ابن القاطع، وليس يعرف كيف أقطعهم العين، إلا أنها في أيديهم منذ ستين سنة، فقال مالك: أقطعهم عينا لا هم أحدثوا فيها شيئا بحضرتهم ثم جاءوا يخاصمونهم، فيقولون: قد أحدثنا وأنتم تنظرون، فهم يريدون أن يأخذوا الوادي كله، فليس هكذا يكون، وكذلك لو أعطى رجل رجلا بيتا، فأي بيت هو وما ذرعه؟
قال محمد بن رشد: إقطاع الرجل الرجلَ العين من واديه هبة من الهبات، تفتقر إلى ما تفتقر إليه الهبات من حيازة الشيء الموهوب في صحة الواهب، فالمعنى في هذه المسألة أنه أقطعه من واديه عينا لم يسم له موضعا، ولا حد له مقدارا، فحاز منه قدرا ما في موضع ما، وبقي في يديه ستين سنة بعد موت القاطع، ثم أراد أن يرفع العين إلى أرفع من موضعه ليستكثر فيه من ماء الوادي، فلم ير ذلك لهم؛ إذ لم يفعلوه في حياة القاطع، ولا بعد موته بحضرة الورثة منذ مدة تكون حيازة عليهم، وضعف وجوب ذلك لهم بما ذكره من أن القاطع لم يحد لما أقطعه قدرا معلوما، يقول: فهو لو حد له قدرا معلوما فلم يستوفه في حياته لم يكن له أن يأخذه بعد وفاته، فأحرى إذ لم يحد له حدا ألا يكون له أن يستزيد فيه بعد وفاته شيئا، هذا معنى هذه المسألة عندي، وقوله: لا هم أحدثوا فيها شيئا بحضرتهم، ثم جاءوا يخاصمونهم فيقولون: قد أحدثنا وأنتم تنظرون، معناه لا هم أحدثوا فيها شيئا بحضرتهم، فتكون لهم بذلك حجة عليهم في مخاصمتهم إياهم، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل عن حريم الآبار والعيون قال: إنما الحريم في الفلوات التي ليست لأحد، فأما الرجل يحتفر في حقه البئر والعين، فذلك له إلا أن يضر ذلك بجاره ضررا بينا، فإن الرجل يعمد إلى