على أن يخلي بين الناس وبينه، ولا يباح له أن يمنع الناس منه، ويترك حتى ييبس ويفسد، وقيل: إن له أن يمنع إن احتاج إليه، وليس له أن يبيع، وهو قول أشهب، وأما فحوص أرضه وفدادينه التي لم يبورها للمرعى، فقال ابن القاسم وأشهب: له أن يمنع إن احتاج، وليس له أن يبيع إن لم يحتج إليه، وقال ابن الماجشون: له أن يمنع إن احتاج، وأن يبيع إن لم يحتج إليه، فأشهب يرى أنه ليس له أن يبيع مراعي أرضه، كان قد بورها للكلأ، أو لم يبورها لذلك، وابن الماجشون يرى أن له أن يبيع مراعي أرضه، كان قد بورها للكلأ، أو لم يبورها لذلك، وابن القاسم يفرق في إجازة البيع له إذا استغنى عنه بين الأرض التي بورها للمرعى، وبين التي لم يبورها للمرعى، فتحصل في مجموع الطرفين ثلاثة أقوال، وفي كل طرف منها على انفراده قولان.
وقد اختلف فيما وقع في كتاب حريم البئر من المدونة من قول مالك، إذا كانت لرجل أرض، فلا بأس أن يمنع كلأها إذا احتاج إليها، وإلا فليخل بين الناس وبينه، ومن قوله فيه: لا بأس أن يبيع الرجل خصب أرضه ممن يرعاه عامه ذلك، بعد أن ينبت، ولا يبيعه عامين ولا ثلاثة، فقيل: إن ذلك اختلاف من قوله، مرة رأى أن للرجل أن يبيع خصب أرضه، كان قد وقفها للمرعى، أو لم يوقفها له، مثل قول ابن الماجشون، ومرة رأى أنه ليس له أن يبيعه كان قد وقف الأرض للمرعى، أو لم يوقفها له، مثل قول أشهب، وقيل: ليس ذلك اختلافا من قوله، ومعناه أنه فرق في ذلك بين الأرض التي وقفها للمرعى، والتي لم يوقفها له، مثل قول ابن القاسم، وهو تأويل عيسى بن دينار في نوازله بعد هذا من هذا الكتاب، وبالله التوفيق.
ومن كتاب أوله مرض وله أم ولد فحاضت وقال مالك في خليج لرجل يجري تحت جدار لرجل آخر، فجرى السيل فيه فهدمه، فقال صاحب الحائط لصاحب الخليج: