ويقال لصاحبه: اعمل ولك الماء كله، أو ما زاد تعمله إلى أن يأتيه صاحبه الآبي بما يصيبه من النفقة، ويدخل في كون الماء له إلى أن يأتيه شريكه بحظه من النفقة اختلاف بالمعنى من مسألة نوازل عيسى بن دينار بعد هذا من هذا الكتاب.
وأما إذا كان عليها حياة فقال ابن القاسم ذلك بمنزلة إذا لم يكن عليها حياة سواء، وقال ابن نافع والمخزومي: إن الشريك في العين أو في البئر يجبر على أن يعمل معه، أو يبيع نصيبه ممن يعمل معه بمنزلة العلو يكون لرجل والسفل لآخر فينهدم، وهو تنظير غير صحيح؛ إذ لا يقدر صاحب العلو أن يبني علوه حتى يبني صاحب السفل سفله، ويقدر الذي يريد السقي بماء البئر المشتركة بينهما إذا انهدمت أن يصل إلى ما يريده من السقي بأن يصلح البئر، ويكون أحق بجميع الماء إلى أن يأتيه صاحبه بما ينوبه من النفقة، فقول ابن القاسم أصح من قول ابن نافع والمخزومي، والله أعلم، وبه التوفيق.
ومن كتاب أوله أخذ يشرب خمرا قال: وسئل عن الرجل تكون له الأرض فيها العشب، فيريد أن يحميها، أترى ذلك له؟ قال: نعم؛ إذا كان له بها حاجة، وإن لم تكن له بها حاجة، فلا أرى ذلك له.
قال محمد بن رشد: الحكم في الكلأ يختلف باختلاف مواضعه، ومواضعه تنقسم على قسمين؛ أحدهما: أن يكون في أرض غير متملكة. والثاني: أن يكون في أرض متملكة، فأما إذا كان في أرض غير متملكة مثل الصحاري والبراري والفيافي، فلا اختلاف في أن الناس كلهم فيه سواء، ليس لأحد منهم أن يمنعه، ولا أن يبيعه، وهو قائم في موضعه؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يمنع الكلأ» ، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ» ، فنهى عن منعه، وعما هو ذريعة إلى منعه؛ لأن صاحب الماشية إذا