رآه مطيقا للقتال، ولم يسأله عن سنه، فلا دليل فيه على أنه حد للبلوغ.

وإن ادعى الشاهد قبل أن يبلغ أقصى سن الاحتلام في الغالب أنه قد احتلم لم يصدق؛ لأنه يتهم في إجازة شهادته بخلاف الحدود والعبادات إذا ادعى أنه لم يحتلم، فيصدق في العبادات قولا واحدا؛ لأنه فيما بينه وبين خالقه، وفي الحدود على اختلاف، فوجه القول بتصديقه ما جاء من أن الحدود تدرأ بالشبهات، ووجه القول بأنه لا يصدق اتهامه في إسقاط الحد عن نفسه، وحد جواز الشهادة حد بتوجه الخطاب، ولزوم التكليف؛ لأن من لم يتوجه إليه الخطاب ولا لزمه التكليف، فليس بمتحرز في شهادته؛ إذ ليس يأثم ولا يجرح في الكذب فيها لارتفاع العلم عنه، ولا تجوز شهادة من لا يتحرج في عبادته.

[مسألة: الشهادتان في مجلس واحد ولفظ واحد اختلفا فيه]

مسألة قال: ولو أن رجلا شهد له أن عند عبد الله عشرة دنانير، وشهد شاهد آخر أن له على عبد الله عشرين دينارا قال: يحلف مع كل شاهد يمينا، وتكون له العشرون والعشرة، ويأخذ منه ثلاثين.

قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن قول. أحد الشاهدين له عنده خلاف قول آخر له عليه؛ لأن لفظة عنده، تقتضي الأمانة، ولفظة عليه تقتضي الذمة، فكل واحد منهما شهد له على عبد الله بغير ما شهد له به عليه الآخر، فله أن يحلف مع كل واحد منهما، ويستحق الثلاثين، وإن شاء أن يحلف مع أحدهما، ويرد اليمين على المطلوب فيما شهد به الشاهد الآخر، وإن شاء أن يرد اليمين على المطلوب في الجميع، وليس له أن يأخذ العشرة دون يمين؛ إذ لم يجتمع له عليها الشاهدان بخلاف إذا شهد أحدهما أن له عليه عشرة، وشهد الآخر أن له عليه عشرين، هذا له أن يأخذ العشرة دون يمين؛ لاجتماع الشاهدين عليهما، وإن شاء أن يحلف مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015