أقر بنسب كان الولاء أولى من النسب؛ لأن الولاء يثبت بالإقرار، ولا يثبت النسب بالإقرار، وفي ذلك اختلاف: قد قيل: إن النسب أولى، وهو ظاهر قول أصبغ في العتبية، وهو يدل من مذهبه أن الولاء يثبت بالإقرار، وإذا أقر بابن عم ثم أقر بأخ كان الأخ أحق، وقد قيل: إن ابن العم أحق لأنه المقر له أولا، وكذلك إن أقر بأخ، ثم أقر بعد ذلك بأخ فقيل: إن المقر له الآخر يدخل مع الأول، وقد قيل: إن الأول أحق؛ لأنه المقر له أولا، فيتحصل في إقراره بالولاء لرجل، وبالنسب لآخر ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن الولاء أولى من النسب تقدم أو تأخر، وهذا على القول بأن الولاء يثبت بالإقرار. الثاني: أن النسب أولى من الإقرار تقدم أو تأخر. وقيل: المتقدم أولى من المتأخر كان النسب أو الإقرار، وبالله التوفيق.
مسألة قال سحنون: وسئل المغيرة عن رجل كان له على رجل حق فتقاضاه، فأنكر المدعى عليه الحق وجحد، فقال الطالب: إن لي عليك البينة فلان وفلان، فقال: من شهد علي منهما فهو ابن الزانية، فقام الرجلان فشهدا عليه، قال مالك: عليه الحد.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه يحصل قاذفا لهما بشهادتهما عليه، ولا يحل لهما أن يكتما شهادتهما إذا دعيا إلى القيام بها؛ لقول الله عز وجل: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] وبالله التوفيق.
مسألة قلت: أرأيت الرجل يقول: أشهد أن أبي إذ كان قاضيا قضى لفلان بكذا وكذا، هل تجوز شهادته على قضاء أبيه؟ قال: نعم.