قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة المعنى، لا إشكال فيها؛ لأنهما شاهدان، فإذا جاز أن يشهدا للرجل في حقوق مختلفة كان أحرى أن تجوز شهادتهما في الحق الواحد في وجوه مختلفة، وبالله التوفيق، وليس ما أجازه من شهادة الرجلين على شهادة الشاهد، وتعديلهما للشاهد الآخر في ذلك الحق بخلاف لما قاله ابن القاسم في رسم شهد، من سماع عيسى، في الشاهدين يشهدان لرجل بحق، فيعدل أحدهما صاحبه؛ لأن الأمر يئول في ذلك إلى الحكم بشهادة المزكي وحده، وبالله التوفيق.
مسألة قلت: أرأيت الرجل يعرف خطه في الكتاب لا يشك في ذلك، ولا يذكر كل ما فيه؟ فقال: اختلف أصحابنا فيه، والذي أقول به أنه إذا لم ير في الكتاب محوا، ولا لحقا، ولا شيئا يستنكره، ورأى الكتاب خطا واحدا، فأرى له أن يشهد بما فيه، وأن يقول: أشهد بما فيه، وهذا أمر لا يجد الناس منه بدا، ولا يستطيع أحد أن يذكر جميع ما في الكتاب، قيل له: ولو أنه لم يذكر من الكتاب شيئا، إلا أنه يعرف خط الشهادة أنه خط بيده، ولا يشك في ذلك. فقال: هذا أمر لا يجد الناس منه بدا، ومن يستطيع أن يحفظ كل ما في الكتاب؟ وأراه واسعا، وقد أخبرتك باختلاف أصحابنا في هذه المسألة، فاعمل فيها برأيك، وقد أخبرتك أنه إن لم ير في الكتاب شيئا يستنكر، ورآه خطا واحدا أنه يقوم به، قيل له: فلو أنه عرف أنه كتب الكتاب كله، أو عرف خطه في الكتاب