إلى سنة؛ لأن شاهده زاد في شهادته على ما شهد به، شاهد الطالب بدليل أنه لو أقام كل واحد منهما شاهدين على دعواه؛ لوجب أن تكون بينة المطلوب أعمل؛ لأنها زادت، وهذا على المشهور من قول ابن القاسم في أن البينتين إذا اختلفتا في القلة والكثرة كانت البينة التي زادت أعمل، وقد قيل: إن ذلك تكاذب، وينظر إلى الأعدل منهما، وقد فرق بين أن تكون الزيادة في اللفظ، مثل أن تشهد إحدى البينتين بمائة، والثانية بمائة وخمسين، أو في المعنى، واللفظ مختلف، مثل أن تشهد إحداهما بمائة، والثانية بتسعين. وقوله: وليس هذا مثل الأول يريد مسألة جرت بينهما في المجلس لم تذكر، وهي المسألة التي بعد هذه، أو ما كان في معناها، وبالله التوفيق.
مسألة قلت: أرأيت إن شهد شاهدان لرجل بألف درهم، وشهد أحدهما أنه قضى الطالب منهما خمسمائة درهم، وأنكر الطالب القبض؟ فقال: لا أرى الطالب يستحق بشهادتهما الألف؛ لأن أحدهما أدخل عليه في شهادته ما نقصت خمسمائة، فكأنه في هذا الموضع إنما شهد له أحدهما بألف، وشهد الآخر بخمسمائة، فإن شاء الطالب أخذ الخمسمائة بلا يمين فذلك له، وإن أحب أن يحلف ويستحق ألفا بالشاهد الذي شهد له بالألف، فإذا حلف استحقها إلا أن يحلف المطلوب مع الشاهد له بالقضاء منها خمسمائة أنه قضاه خمسمائة، فإن حلف لم يجب للطالب إلا خمسمائة، قال: وإن أبى المطلوب أن يحلف لم يكن على الطالب يمين؛ لأنه قد حلفه مرة على الذي يريد المطلوب أن يحلفه عليه الآن.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة مشكلة؛ إذ لا يخلو الأمر فيها من وجهين؛ أحدهما: أن يكون المطلوب مكذبا للشاهدين جميعا، منكرا لجميع