مع اليمين خلاف ما في كتاب ابن شعبان من أنه لا تقبل شهادة من شهد وحلف، والصواب: أن لا تبطل بذلك شهادته إلا أن يتبين من يمينه أن له شهودا قبل المشهود عليه؛ لأن الله تبارك وتعالى قد أمر نبيه باليمين فيما أمره به من الشهادة في غير ما آية من كتابه فقال: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7] وقال: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس: 53] وأما إذا شهدت إحدى البينتين بخلاف ما شهدت به البينة الأخرى مثل أن تشهد إحداهما بعتق، والثانية بطلاق، أو إحداهما بطلاق امرأة، والثانية بطلاق امرأة أخرى، أو إحداهما بعتق عبد والثانية بعتق عبد آخر، أو إحداهما بعرض والثانية بعتق وما أشبه ذلك فهذا لم يختلف فيه قول ابن القاسم ولا قول مالك في رواية المصريين عنه في أن ذلك تكاذب وتهاتر يحكم به بأعدل البينتين، فإن تكافأتا في العدالة سقطتا جميعا.
وروى المدنيون عن مالك أنه يقضي بالبينتين جميعا استوتا في العدالة أو كانت إحداهما أعدل من الأخرى، وقد مضى هذا المعنى في نوازل أصبغ من كتاب التخيير والتمليك، وسيأتي في نوازل سحنون من هذا الكتاب، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل: عن الرجلين تكون بينهما الجارية فيشهد أحدهما أن شريكه وطئها فأحبلها، قال ابن القاسم: إن كان المشهود عليه مليا فلا سبيل للشاهد إليها؛ لأنه إنما جحده ما كان يحكم عليه به من نصف قيمتها، وإن كان معدما كان له نصف رقبتها ولم يكن له إلى ولدها سبيل، واتبعه بنصف قيمة الولد إن أقر به يوما ما.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم في هذه المسألة إن المشهود عليه إن كان مليا فلا سبيل للشاهد إليها؛ لأنه إنما جحده ما كان يحكم له به