أشهدني عليه بشيء وماله عندي علم، ثم انصرف فذكر فعاد إلى القاضي بعد أيام فشهد في ذلك الحق أيقبل قوله؟ قال: نعم، وتجوز في ذلك شهادته إن كان ممن لا يشك في عدله ولا يتهم في شيء من علمه، ومثل ذلك المريض يسأل في مرضه عن علم كان عنده فيقول: مالك عندي علم، فيصح فيشهد في ذلك الحق، فيقال: ما منعك أن تشهد إذ سألك وأنت مريض؟ فيقول: خفت على نفسي الخطأ والوهم في الزيادة والنقصان لشدة ما كان بي من المرض إن ذلك يقبل منه إذا كان لا يتهم لعدله وصلاح حاله، فتجوز في ذلك الحق شهادته.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول فيها مستوفى في أول رسم من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته مرة ثانية، وبالله التوفيق.
مسألة قال سحنون: وأنا أقول إذا استقال الشاهد قبل القضاء أو بعد القضاء وادعى أنه غلط ثم تذكر أو شبه عليه قبل قوله، وأقيل في شهادته فيما يستقبل إذا كان عدلا مرضيا.
قال محمد بن رشد: أما إذا كان ذلك قبل القضاء فلا اختلاف في أنه يقبل قوله فتجوز شهادته فيما يستقبل ولا يؤدب إذا كان عدلا مرضيا، وأما إذا استقال بعد الحكم فقيل: إنه لا تجوز شهادته فيما يستقبل وإن شبه عليه، وهو قول مالك في الأقضية من المدونة خلاف قول سحنون هذا إنه تجوز شهادته فيما يستقبل إذا شبه عليه، وكذلك يختلف أيضا في وجوب الغريم [عليه] إذا شبه عليه، وأما الأدب فلا يجب عليه إذا شبه عليه، وقد مضى فوق هذا القول على ذلك كله مستوفى، وبالله التوفيق.