بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين من سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم قال: سألت ابن القاسم عن الرجلين شهدا على رجل بمائة دينار فحكم عليه بها القاضي وقبضت منه، ثم رجع أحدهما فقال: وهمت أو قال: قد كان قبضها، فقال: إن قال: كان قد قبضها ولكن وهمت فلا شيء عليه، ولا يرد القضاء، وإن قال: إني شهدت بزور فعليه نصف الحق، قال ابن القاسم: وإنما يغرم الشاهد فيما تعمد إلا في الديات، قلت: ففي القتل إذا ادعى الشهود الوهم أو الشبه أيكون ذلك على العاقلة؟ قال: لا يكون من ذلك على العاقلة شيء.
قال محمد بن رشد: قوله: إنما يغرم الشاهد فيما تعمد إلا في الديات فإنه يغرم في العمد والخطأ؛ لأنه استثناء منقطع، وتقديره على الاتصال وإنما يغرم الشاهد فيما تعمد ولا يغرم فيما لم يتعمد إلا في الديات، وقوله: إنه لا يغرم فيما عدا الديات إلا أن يتعمد الشهادة بزور هو خلاف ظاهر ما في كتاب السرقة من المدونة؛ لأن الظاهر من قول ابن القاسم فيه أن الشاهد يضمن ما أتلف بشهادته من المال، ويكون في الديات الدية في ماله إذا رجع عن شهادته بعد الحكم، وإن زعم أنه شبه عليه ولم يتعمد الزور، وهو ظاهر ما مضى في أول رسم من سماع ابن القاسم ونص