أراد ذلك لفعله، إذ لا ضرر عليه فيه؛ لأنه لا يضمن إذا رجع قبل نفوذ الحكم، ولم يصدقه سحنون أنه أراد بذلك الاعتذار، وجعله رجوعا يريد بعد الإعذار إلى المشهود له في البينة التي شهدت عليه بذلك القول، ولو شهد عليه أنه قال ذلك ابتداء دون أن يعاتب على الشهادة لكان ذلك رجوعا عنها باتفاق بعد الإعذار إلى المشهود له إن كان قبل الحكم، وإلى الشاهد إن كان ذلك بعد الحكم؛ لأنه ضامن، والحكم ماض على قوله في هذه الرواية، وفي المدونة خلاف ما في أول رسم من سماع عيسى من أنه لا يضمن إذا شبه عليه ولم يتعمد الزور، وسيأتي القول على ذلك هنالك إن شاء الله، وبه التوفيق.
مسألة وقال مالك: لو أن رجلا طلب من رجل حقا له عنده فشهد له رجل أنه ظل يسأله ذلك الحق وأنه حميل به، رأيت شهادته غير جائزة، ولا يبطل ما أقر به من الحمالة، ويغرم ما أقر به الحميل، قال ابن القاسم: إن كان هذا المدعي قبله الحق مليا جازت شهادة الحميل، وإن كان عديما لم تجز شهادة الحميل، وإنما بطلت شهادته لأن الحميل إذا غرم المال أعديناه عليه، فكانت تهمة.
قال محمد بن رشد: الاختلاف في جواز شهادة الحميل بالدين الذي أقر أنه تحمل به جار على اختلافهم في لزوم الحمالة له، إذا كان الذي عليه الدين منكرا، وقد اختلف في ذلك، فقيل: تلزمه الكفالة ويجب عليه الغرم ولا يكون له أن يرجع على الغريم إلا أن يثبت عليه الدين، وهو قول ابن القاسم في رواية يحيى عنه من كتاب الكفالة والحوالة، فعلى هذا إن