[مسألة: سئل عن شهادة عنده وهو مريض فأنكرها]

مسألة قال مالك، فيمن سئل عن شهادة عنده وهو مريض فأنكرها، وقال: كل شهادة أشهد بها بين فلان وفلان فهي باطل، ثم شهد بها بعد ذلك بينهما، قال: يسأل لم قال ذلك؟ فإن قال: كنت مريضا فخشيت ألا أكون أثبت ما أشهد به وما أشبه هذا من القول الذي له وجه يعرف، فأرى أن تجوز شهادته إذا كان عدلا لا يتهم.

قال القاضي: قوله إذا كان عدلا لا يتهم معناه إذا كان عدلا مبرزا في العدالة.

وهذا إذا كان إنما سئل في مرضه عن الشهادة لتنقل عنه إلى الحكم أو ليشهد على شهادته بها تحصينا لها، وكذلك إذا سئل عنها عند الحكم ليشهد بها فأنكرها، وقال: لا علم عندي منها، ثم جاء يشهد على ما في رسم الكبش من سماع يحيى.

وأما لو لقيه الذي عليه الحق فقال له: بلغني أنك تشهد علي بكذا، فقال: لا أشهد عليك بذلك ولا عندي منه علم، وإن شهدت به عليك فشهادتي باطلة، ثم جاء فشهد، لم يقدح ذلك في شهادته ولم يضرها، وإن كان على قوله بينة، قال ذلك ابن حبيب في الواضحة، وهو يحمل على التفسير لقول مالك هذا، ولقول ابن القاسم في سماع يحيى.

والفرق بين الموضعين أن له أن يقول في الوجه الثاني إنما قلت ذلك معتذرا ولم أزل عالما بما شهدت به، وفي الوجه الأول لا عذر له فيما أقر به على نفسه من الجهل بالشهادة فوجب أن تبطل شهادته، إلا أن يأتي بأمر يشبه من أنه تذكر الشهادة بعد ذلك، وأنه خشي ألا يقوم بها في مرضه فيصدق في ذلك إذا كان مبرزا في العدالة، وكذلك إذا زاد في شهادته أو نقص منها بعد أن شهد بها لا تجوز شهادته إلا أن يكون مبرزا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015